علم النفس الصحي
مرحبا بك
نتمني ات تجد بالمنتدي مايفيدك واذا رغبت في المشاركة فالتسجيل للمنتدي مفتوح

ولك الشكر


علم النفس الصحي
مرحبا بك
نتمني ات تجد بالمنتدي مايفيدك واذا رغبت في المشاركة فالتسجيل للمنتدي مفتوح

ولك الشكر

علم النفس الصحي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علم النفس الصحيدخول

الصحة النفسية علم النفس الطب النفسي


description الاتجاهات الفكرية في التراث النفسي في الحضارة الإسلامية Empty الاتجاهات الفكرية في التراث النفسي في الحضارة الإسلامية

more_horiz

- التراث النفسي في الحضارة الإسلامية ليس صنفاً واحدا يسير على طريقة واحدة ولا يرجع إلى مصدر واحد بل إلى مصادر مختلفة متعارضة متناقضة.

- التراث نسيج متداخل الخيوط بينما هو أصيل وما هو طارئ ودخيل ذو أصول يونانية أو فارسية أو هندية أو كتابية (يهودية أو نصرانية).
تعريف الاتجاه
________
الاتجاه مصدر أتجه, وهو مأخوذ من الوجهة, قال تعالى: {ولكل وجهة هو موليها}
وقال السمين الحلبي (1414) الوجه المقصد والمذهب.
فهو عنده مجموعة التصورات والقيم والطرق والتقنيات التي تشكل مذهباً محدداً مقبولاً في علم من العلوم في عصر من العصور.
والاتجاهات الفكرية في تراث الحضارة الإسلامية النفسي يمكن تقسيمها وفقاً للمرجعيات الفكرية التي سادت في الفكر الإسلامي, وهذه المرجعيات تنقسم في الجملة إلى ثلاث أقسام:
1- الكتاب والسنة, والذين يرجعون إليهما يعرفون بأهل الأثر.
2- الحدس والعرفان, والذين يرجعون إليهما يعرفون بالمتصوفة.
3- الاستدلال البرهاني أو المنطق القياسي, ومن رجعوا إليهما يعرفون بالفلاسفة.
المنهجية عند الاتجاه الأثري
__________________
- الوحي المتمثل في القرآن والسنة قال صلى الله عليه وسلم :" تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي", وقال "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضواً عليها بالنواجذ" .


- الطبيعة, وهو ما سوى الوحي مما يشاهده الناس مما خلقه الله تعالى. تأمر بالسير في الأرض والنظر في ملكوت السماوات والأرض قال تعالى:{ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ}.وقال:{قلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}.وقال:
{ قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.وقال:{ َوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}.
وعلى هذا فالحقيقة العلمية تثبت عند هذا الاتجاه الأثري إما عن طريق النقل أو تثبت عن طريق البحث والتجريب فيكتشف العلماء في مخابرهم والباحثون حقيقة من الحقائق وسراً من أسرا الكون, فإذا ثبت ذلك فهو حقيقة علمية. أما عن العلاقة بين الوحي والعقل أو العلم التجريبي في دراسة النفس, في الاتجاه الأثري في التراث النفسي يلتزم في ذلك منهج أهل السنة والجماعة.
وابن تيمية أحد علماء هذا الاتجاه ممن ناقش هذه القضية في عدد من كتبه وخصها أيضاً بمؤلف ضخم هو" درء تعارض العقل والنقل "وفي هذا الكتاب قرر أبن تيمية أن ما ثبت في القرآن والسنة لا يتعارض أبداً مع ما ثبت بالعقل؛ وإذا ظهر بينهما تناقض فهو لا يعدو أن يكون إما قصوراً في فهم الشخص عجز بسببه في الجمع بينهما, أو يكون ما ظنه نقلاً ليس بثابت أو دلالته ليست صريحة, أو ما ظنه حقيقة عقلية أو عليمة تجريبية ليس كذلك في الحقيقة وإنما هو مجرد فرض أو رأي علمي لم يثبت بعد.
ويرى أبن تيمية أنه لو ظهر لنا تعارض بين قضية عقلية وأخرى نقليه فإننا نقدم الأرجح منهما.







التصور عن الإنسان وملامح النظرية النفسية عند الاتجاه الأثري
___________________________________
- الإنسان في الاتجاه الأثري مخلوق عابد لله سبحانه وتعالى, وهو إذا لم يعبد الله سبحانه وتعالى عبد غيره فخضع لبشر أو شجر أو مرادات نفسه وأهوائها, ولهذا حرية الإنسان إنما تثبت إذا تحرر من سائر الموجودات وخضع لله سبحانه وتعالى.
- والإنسان في النظرية النفسية عن الاتجاه الأثري مفطور على الخير والتوحيد, فهو ذو طبيعة خيرة عابد لله عز وجل, والانحراف يطرأ على الشخص من المجتمع الذي يعيش فيه كما قال صلى الله عليه وسلم:" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تولد البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء".
- والإنسان خلفه الله عز وجل عبداً ذا إرادة وهم, ولابد لإرادته من منتهى تنتهي إليه, منتهى إرادته ومعبوده الله فلابد أن تتجه إرادته إلى غيره إما المال وإما الجاه وإما الصور أو غير ذلك وهذا التصور لا يتفق مع تصور المدرسة السلوكية النفسية المعاصرة التي ترى أن سلوك الإنسان عبارة عن استجابات لمثيرات خارجية, وهو تصور لا توافقها عليه مدارس علم النفس الأخرى.
- للسلوك أثر في النفس تحصل الطمأنينة أو الضيق والاضطراب, متفق مع الفطرة محققاً للعبودية كلما كانت النفس أكثر طمأنينة ورضا وكلما كان أبعد عن ذلك كلما كانت النفس أكثر قلقاً واضطراباً.
والسلوك يمكن أن يكون ذكياً ويمكن أن يكون غير ذلك, والسلوك الذكي هو المحقق للعبودية المتصف بالفضيلة والخير أما السلوك غير الذكي فهو السلوك الذي يدسي النفس. "قال تعالى قد أفلح من ذكاها وقد خاب من دساها", أي ينقصها ويخفيها بالفجور.
الاتجاه الفلسفي
_________
الفلسفة تعني محاولة الإجابة على الأسئلة الكبيرة التي تواجه الإنسان, مثل من أين جاء؟ إلى أين يذهب؟ وما مهمته في الحياة, ومن أين جاء هذا الكون, وما مصيره؟ مشتقة من كلمة يونانية هي "فيلاسوفيا" وتعني الحكمة، وهدفها الكشف عن حقائق الأشياء وكانت تطلق قديماً كلما جاء في المعجم الفلسفي الذي أصدره معجم اللغة العربية بمصر على دراسة المبادئ الأولى وتفسير المعرفة تفسيراً عقلياً. والمبادئ الأولى هي ما يتعلق بعالم الغيب أو الميتافيزيقا أو الإلهيات, وحددها ديكارت بالله عز وجل والنفس والحقائق الأزلية.
أما في العصر الحديث فاقتصر إطلاق هذا المصطلح على المنطق و الأخلاق وعلم الجمال وما بعد الطبيعة وتاريخ الفلسفة.والاتجاه الآن هو استثناء الأخلاق وعلم الجمال من الفلسفة واعتبارهما علمين مستقلين والباحثون الآن يستخدمون فيهما منهج البحث التجريبي، والفلسفة التي شاعت في العالم الإسلامي أصولها ومقولتها في الغالب إغريقية, وقد دخلت العالم الإسلامي عن طريق الصائبة والنصارى، فهم الذين قاموا بترجمة كتبها وتدريسها للناس.
فمن الصائبة ثابت أبن قرة الحراني, ومن النصارى يوحنا ابن ماسويه الذي ولاه المأمون رئاسة بيت الحكمة سنة (215) وبعده تولى رئاسة البيت حفيده حنين أبن إسحاق وعلى هؤلاء تتلمذ طائفة من أبناء المسلمين منهم أبو يوسف أبن إسحاق الكندي وعلى الكندي تتلمذ عدد من أبناء المسلمين منهم العمري وأبو زيد أحمد البلخي وقد أغرهم بالفلسفة فيما بعد الطوائف المنشقة على جماعة المسلمين المباينة لهم في الاعتقاد كالباطنية وطوائف الشيعة, والزنادقة كإخوان الصفا, فقد وجدوا فيها سلاحاً يستطيعون به مواجهة العقائد الإسلامية وتشكيك العوام في دينهم، ولهذا نشروا الفلسفة تعلماً وتعليماً.
والفلسفة انتشرت في العالم الإسلامي انتشارا عظيماً ولكنها أصيبت بمقتل لما نشر أبو حامد الغزالي في أواخر القرن الخامس كتابه تهافت الفلاسفة فكشف أخطاءهم للعالم وبين خطر الفلاسفة وما تنطوي عليه من انحراف وكان من أجرأ ما قاله الغزالي في حقهم هو أنه كفرهم في ثلاث مسائل كما سبق وهو:
1- القول بقدم العالم ومؤدى هذا القول كما يقول الغزالي أن لا خالق لهذا الكون.
2- أن الله عز وجل لا يعلم الجزئيات.
3- إنكارهم بعث الأجساد بعد موتها.
المنهجية عند الاتجاه الفلسفي:
__________________
الاتجاه الفلسفي في الكشف عن الحقيقة على المنطق الصوري أو القياسي أو الاستدلال البرهاني, حصروا البرهان في المنطق الصوري أو القياسي, وما سوى ذلك لا يكون دليلاً كافياً في الإثبات أو لا يكون برهاناً, وإنما قد يكون بيانا أو خطاباً أو ما سوى ذلك مما يصلح للعامة.
أما الاستقراء وما يتبع ذلك من تجريب فهو عند أرسطو – واضع المنطق الصوري- يلاءم عقول الجماهير, وهو استدلال باستخدام الحواس, وهذا ينطبق عامة على الجمهور, وهو يختلف عن الاستدلال البرهاني, فالبرهاني أكثر قوة وتأثيراً.
والمنطق الصوري يبحث في الأحكام والبراهين معتمداً على مقدمتين صغري وكبري ثم نتيجة. وسًمي بالصوري لأنه يدرس صور التفكير دون البحث عن طبيعة الموضوعات التي ينصب عليها بحسب الواقع. فهو يفرض مقدمات ويستخرج نتيجتها بحسب التفكير, وليس بالبحث الاستقرائي القائم على استخدام الحواس وصدق النتيجة هي في لزومها عن مقدمات وليس في مطابقتها للواقع.
وهو يفيد في تنمية القدرة على الجدل, وقد ينجح في ربط الأفكار بعضها ببعض , ولكنه لا يكشف عن العلاقات والأسباب, ولا يستطيع إثبات المبادئ العلمية, بل المقدمات والنتائج لديه سواء".
قواعد المنطق الصوري لا تتسم بالابتكار ولا بالاختراع ولا بالكشف.
وبعض من درس الفلسفة من أبناء المسلمين فتن بها وظنها حقا لا مرية فيه، وقد سجل هذه الملاحظة الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة فانتقدهم فيها. ويؤيد ذلك موقف الفارابي في كتاب "الجمع بين رأيي الحكيمين" فقد عجب أن يجد تناقضا بين أرسطو وأفلاطون, فألف هذا الكتاب لدفع التناقض بين الفلسفة, وأما ما يرى من تعارض ظاهر بينهما فلا يعدو عن أن يكون لفظيا.
أما من حيث العلاقة بين الفلسفة وما جاءت به الشريعة فالفلاسفة يقدمون ما جاءت به الفلسفة عل ما ثبت بالشريعة.
التصور عن الإنسان وملامح النظرية النفسية عن الاتجاه الفلسفي
______________________________________
العلاقة بين الفلسفة والنفس قديمة قدم تاريخ الفلسفة, وممن أشتهر عنه مذهب في النفس أفلاطون –الفيلسوف اليوناني المشهور- وجاء من بعده تلميذه أرسطو الذي توسع في الحديث عن النفس وألف كتابا خاصا به. ومعظم ما كتبها الفلاسفة في الحضارة الإسلامية كابن سينا والفارابي لا يكاد يخرج عن رأي هذين الفيلسوفين, فهم أخذوا عن أرسطو تعريفه للنفس حيث يرى أنها "الكمال الأول لجسم طبيعي توجد فيه الحياة بالقوة". ومعني قوله "كمال أول" أي بها يكمل الجسم فيصبح بها قائما بالفعل, وقوله لجسم طبيعي أي ليس صناعيا, وقوله توجد فيه الحياة بالقوة أي فيه استعداد للحياة وتهيؤ لقبول النفس.
والفلاسفة قسموا النفس إلى ثلاثة أقسام: نفس نباتية ووظيفتها التغذية والتنمية والتوليد ومحلها الكبد, ونفس حيوانية ووظيفتها الحركة والإدراك ومحلها القلب, ونفس ناطقة أو عاقلة ووظيفتها إدراك المعقولات الكلية أو المجردة ومحلها الدماغ.
ووظائف النفس النباتية كما هو واضح وظائف بيولوجية. فبها يكون بقاء النوع وهي مشتركة بين الأصناف الثلاثة:النبات والحيوان والإنسان. ووظائف النفس العاقلة تكاد تكون وظائف فلسفية روحانية, فعن طريقها يتصل الشخص بالملأ الأعلى ويبلغ مرحلة الكشف كما زعم, أما النفس المناط بها تحقيق التفاعل بين الفرد وما يحيط به فهي النفس الحيوانية, أذن عن طريق وظائف هذه النفس ينزع الفرد إلى السلوك ويفعله, وعن طريقها يكون إحساسه بمحيطه وحفظ هذه الإحساسات وإضفاء معاني عليها واسترجاعها.
ومن هذا يتضح أن معظم العمليات النفسية التي يتحدث عنها علم النفس المعاصر هي عند الفلاسفة من اختصاص النفس الحيوانية, وليس العاقلة أو الإنسانية أو الناطقة.
والنفس العاقلة أو الإنسانية أو الناطقة عند الفلاسفة لها قوتان كل منهما تسمى عقلا بالاشتراك:
- عقل عملي وظيفته سياسة البدن وتهذيب النفس.
- عقل نظري ووظيفته إدراك الكليات العقلية المجردة وبلوغ الحكمة والاتصال بالملأ الأعلى من خلال اتحاد العقل المستفاد بالعقل الفعال والنفس الناطقة لا تستطيع أن تحقق هذه الوظائف إلا بعد الحد من عمل النفس الحيوانية وإضعاف دور الحواس بالعزلة والرياضات النفسية؛ وذلك لأن المدركات الحسية تشوش على النفس العاقلة فتحول بينها وبين إدراك المعقولات الصحيحة وهنا تلتقي الفلسفة مع التصوف.
وخلاصة القول إن للنظرية النفسية في الاتجاه النفسي شقين :
- شق نفسي وهو ما يتعلق بوظائف النفس الحيوانية.
- شق فلسفي وهو ما يتعلق بمعظم وظائف النفس العاقلة. وبناء على الشق الفلسفي من هذه النظرية بنا الفلاسفة نظريتهم في المعرفة والكمال النفسي. وموقفهم من النبوة والرسالات هو في الحقيقة صدى لهذه النظرية.
الاتجاه الصوفي بدأ هذا الاتجاه بهدف تصفية النفس وتذكيتها, وكان رد فعل تجاه موجة الترف التي سرت في العالم, وبعد ذلك تحول من حركة زهد تعتني بالعبادة وتقوم على المجاهدة إلى حركة فلسفية فكرية والتصوف مر بثلاثة أطوار هي الزهد والتصوف الخلقي أو العملي, والتصوف الفلسفي.
أ- طور الزهد:
بدأ هذا الطور – كما يرى أن تيمية في منتصف المائة الثانية من الهجرة, حينما أتخذ جماعة من أهل البصرة دار لهم يجتمعون فيها للعبادة. وكانت غاية هذه الحركة البعد عن الدنيا والانشغال بالعبادة وفق أنماط سلوكية محددة ويرى أبن تيمية أن عمل أصحاب البصرة نوع من الاجتهاد يماثل اجتهاد جيرانهم أهل الكوفة في الفقه ويقول أن هذا لا يذم بإطلاق ولا يُحمد بإطلاق, وإنما يحمد بما وافق فيه الشريعة ويذم بما خالفها فيه.
ب_ طور التصوف العملي:
بدأ الطور في القرن الثالث الهجري, ومن أعلامه المحاسبي وأبو طالب المكي والجنيد والقشيري وأبو سعيد الخراز.وكان جل اهتمامهم تذكية النفس وأحوالها وأخلاقها ومحاسبتها, فكتبوا في الورع والمجاهدة واصفات المريد.
وأئمة هذا الطور رغم استدلالهم بالقرآن والسنة إلا إنهم يغلبون أثر الذوق والتجربة الوجدانية وأثر العبادة في استدلالاتهم فيما دونوا من بحوث. ولهذا قلت عندهم العناية بصحة الدليل بل ربما استشهدوا في أحيان كثيرة بالموضوع والضعيف شديد الضعف وبما لا أصل له.
والتصوف أصبح في هذا الطور وسيلة للمعرفة, أو كما يسميها الصوفية ب "العلم اللدنى" أو الكشف, وصارت الكرامة وخوارق العادات مما تطلع إليه نفس السالك المريد. وانتهى الأمر بكثير من الصوفية إلى أنهم يرون أن شهودهم لمقام الربوية أعظم من شهودهم لمقام الإلوهية وتصرفهم مع القدر أعظم من تصرفهم مع الشرع وانقيادهم إليه. وهذا الاعتقاد أورثهم سلبية تجاه ما يحل بالمجتمع المسلم من محن وآفات, كما أورثهم أيضاً جبرية في السلوك, وكان هذا طريقاً إلى انحراف كبير ظهر في الطور الثالث في التصوف وهو القول بوحدة الوجود والزندقة. ومن إضافات هذا الطور إلى علم النفس عنايته بالجانب الوجداني والإرادي من أحوال النفس, وكذلك عنايته بأعمال القلب وما يعرض له من وساوس.
ج- طور التصوف الفلسفي:
بدأ هذا الطور مع تغلغل الفلسفة في الفكر الإسلامي ولكنه لم ينتشر إلا في القرن السادس الهجري على يد عدد من الفلاسفة المتصوفة كالسهر وردي المقتول وابن الفارض وأبن عربي وأبن سبعين ومن أول من خلط التصوف بالفلسفة الذي قُتل بسيف الحق بتهمة الزندقة في أول القرن الرابع الهجري, فهدأت الفتنة إلى أمد ثم انبعثت ثانية على يد طائفة من فلاسفة المتصوفة كابن عربي وأبن سبعين كما سبق, وهؤلاء تأثروا بفلسفة أفلاطون في النفس وبفلسفة أفلوطين الإسكندراني ونظريته في الفيض وإشراق المعرفة التي عُرفت بالفلسفة الإشراقية وهي فلسفة قال عنها الغزالي :"هي على التحقيق ظلمات, لو حكاها الإنسان عن منام رآه لأستدل به على سوء مزاجه"، وغاية التصوف عند هؤلاء هي بلوغ الحكمة, ويرون إنها منزلة أعلى من منزلة النبوة. والاتجاه الصوفي في التراث النفسي هو اتجاه يحاول أن يفسر تصرفات الأشخاص ضمن تصور صوفي وعنايته بالذوق والتجارب الوجدانية ومن أعلامه في مراحله الأولى الحارث المحاسبي, وأبو طالب المكي, وأبو سعيد الخراز, والجنيد.
المنهجية عند الاتجاه الصوفي:
___________________
كان الاستدلال في الطور الأول, أي في مرحلة الزهد مقتصراً تقريباً على الاستشهاد بالقرآن والسنة, إلا أنه بعد ذلك أتجه اتجاهاً أخر, وأصبح التصوف نفسه طريقاً للمعرفة, وأصبحت غاية الصوفي هي بلوغ مرحلة الكشف, ويربط عدد من دارسي التصوف بين هذا المفهوم والغنوصية اليونانية التي تعني تلقي العلم بلا واسطة.
وبسبب هذا المنهج الذي لا يعني بالتحقيق العلمي بل بالتجربة الذوقية شاع عند الصوفية الاستدلال بالقصص والأخبار والعناية بالكرامات وخوارق العادات, كما شاع عندهم الاستدلال بالأحاديث الضعيفة والموضوعة. والمنهج الصوفي في المعرفة منهج ذاتي لا يعني بالوصول إلى قانون عام, بل أن الشائع عندهم أن الطرق الموصلة إلى الحق هي بعدد الخلق.
دراسة النفس تمثل عند الاتجاه الصوفي أحد أنواع العلوم العملية التي ينبغي تعلمها لا لذاتها ولكن لما تفضي إليه من تهذيب النفس.
والنظرية النفسية في الاتجاه الصوفي تقوم على أطلاق القوى الروحية وإضعاف البدن والشهوات المادية والحسية. ويرون أن هذا هو طريق الكمال والمعرفة, ولهذا يلجئون في ذلك إلى أنوعان من الرياضات القاسية كالسهر الطويل والجوع والصيام المتواصل والعزلة عن العلم الخارجي فترة من الزمن.
النظرة هو تصورهم أن الإنسان مكون من كيانين أحداهما الروح وهو جانب خير في الإنسان, والآخر هو الجسد وهو عندهم جزء شرير لا تستقيم الحياة إلا بإضعافه وإنهاكه, ومتى ما أضعفه الشخص نمت روحه وكملت, وتفجرت فيها ينابيع الحكمة. ومن المتصوفة من رأى أن الإنسان بكليته ذو طبيعة شريرة روحه وجسده, والسبيل إلى تخليصه من هذه الطبيعة المجاهدة, وممن يرى هذا الرأي الغزالي ولا شك أن هذه النظرة لا تتفق مع التصور الشرعي. فطاقات الجسد وشهواته هي في أصلها خيرة و بها يستمر النوع البشري و بها يتقوى الإنسان في عبادة الله عز وجل.
الملامح العامة للنظرية النفسية عند هذا الاتجاه هي:
1- العناية بنمو الذات وتطورها حتى تبلغ مرحلة الكشف, ومرحلة الكشف تعني عندهم كشف حجاب الغيب فيطلع الوفي – زعموا – على ما غيب عنه. ونمو الذات يعتمد على أمرين:
الأول: السلبية تجاه الأحداث الخارجية والاستلام للقضاء والقدر. ولا شط أن هذا مخالف للمنهج الحق,إذ المطلوب من المسلم أن يكون إيجابيا تجاه ما يحيط به من أحداث فيسعي في طلب الخير كما يسعى في طلب منع المنكرات والشر. ولهذا كان منهج الأنبياء عليهم السلام هو الدعوة إلى الله والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الثاني: مجاهدة النفس من خلال الأعمال القاسية من الجوع والسهر وأنواع من الرياضة تهدف إلى إماتة نوازع النفس وشهواتها. ويرى المتصوفة أن هذا الأسلوب إذا أضيف إليه التأمل في الخلوات يفضي إلى نمو الذات وبلوغ مرحلة الكشف وهذا أسلوب مخالف للمنهج الإسلامي في التعامل مع النفس. لأنه يعتمد على مصادمة الفطرة فقد روى البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك حينما علم عن ثلاثة من صاحبته أن أحدهم أراد أن يصوم فلا يفطر وأن الآخر أراد ألا يتزوج النساء, أم الثالث فأقسم أن يقوم الليل فلا ينام, لما علم بذلك صلى الله عليه وسلم قال: "والله إني لأخشاكم لله وإني لأصوم وأفطر وأرقد وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" .
2- التركيز على الخطرات:
من أكثر ما عنيت به النظرية النفسية الصوفية تركيزها على خطرات النفس ووساوس القلب وتشقيق الحديث عن النية والمبالغة في ذلك. وقد مهد الطريق للمتصوفة في هذا الباب الحارس المحاسبي.
3-العناية بالتجربة الذوقية والمشاعر الوجدانية:
عني الاتجاه الصوفي بالمشاعر الوجدانية التي تعقب الأعمال التعبدية التي يقوم بها, على صحة العمل أو خطئه. فالمشاعر الذوقية الحسنة دليل عندهم على صواب العمل، والمشاعر الذوقية غير الحسنة دليل على خطأ العمل. وهذا وإن أفاد النظرية النفسية عندهم في استكشاف جوانب النفس وأحوالها إلا أنه منهج خاطئ في تحديد صحة الأعمال, لأن صحة الأعمال لا تستفاد من التجربة الذوقية, وإنما تستفاد من الشارع فقط.
4-العناية بالعلاقة بين الروح والجسد:
عني الصوفية ببحث العلاقة بين الروح والجسد؛ لأنهم يرون أن بينهم علاقة متبادلة فالروح تؤثر في الجسد, والجسد يؤثر في الروح. والصوفية بسبب ذلك سعوا إلى إضعاف الجسد وتمكين الروح منه من خلال الرياضة. وهذا وإن كان فيه جانب إيجابي في نقل البحث في النفس من الجانب الميتافيزيقي الغيبي الذي كان عند اليونان, إلا إنه لما فيه من المبالغة والقسوة مخالف للمنهج الإسلامي. وبموازنة الاتجاه الصوفي بالاتجاه الفلسفي في النظرية النفسية نجد أن الاتجاه الصوفي استطاع أن يضيف ما يأتي:
- العناية بالجانب الوجداني والإرادي من أحوال النفس. وكانت عناية الاتجاه الفلسفي بالجانب العقلاني فقط.
- العناية بأعمال القلب وخطراته وما يعرض له من وساوس, وهذا فرع من العناية بالجانب الوجداني.
- العناية بأحوال المهتدين ومسائل التوبة.
أما ما يؤخذ على الاتجاه الصوفي في نظريته النفسية فأمور منها:
- ضعف استدلاله على ما عرض له من مسائل وقضايا, فبسبب اعتماده على التجربة الذوقية أعرض عن الاستدلال بصحيح القرآن والسنة, واكتفى بالمشاعر الوجدانية التي تعقب العمليات التعبدية من راحة النفس واطمئنان اللقب وانشراح الصدر, وهو إذا استدل بغير ذلك ربما يستدل بالخبر الضعيف والموضوع والقصة وما يرونه في باب الكرامات.
- المبالغة في التنقير على النية والتدقيق المفرط في الوسواس والخطرات, فتجد المتصوف من هؤلاء في شك دائم وتردد مستمر فيما إذا كانت نيته خالصة لله عز وجل, وهل نوى النية المناسبة للعمل, ومن أشهر من عرف بذلك الحارث المحاسبي حيث بلغ في مسألة النية في كتابه المشهور "الرعاية لحقوق الله".

description الاتجاهات الفكرية في التراث النفسي في الحضارة الإسلامية Emptyرد: الاتجاهات الفكرية في التراث النفسي في الحضارة الإسلامية

more_horiz
التحميل

الاتجاهات الفكرية في التراث النفسي في الحضارة الإسلامية.ppt - 88 KB
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد