علم النفس الصحي
مرحبا بك
نتمني ات تجد بالمنتدي مايفيدك واذا رغبت في المشاركة فالتسجيل للمنتدي مفتوح

ولك الشكر


علم النفس الصحي
مرحبا بك
نتمني ات تجد بالمنتدي مايفيدك واذا رغبت في المشاركة فالتسجيل للمنتدي مفتوح

ولك الشكر

علم النفس الصحي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علم النفس الصحيدخول

الصحة النفسية علم النفس الطب النفسي


descriptionعلم النفس التجريبي Emptyعلم النفس التجريبي

more_horiz

أهداف المقرر
أن يدرك الطالب أن السبب في تطور علم النفس يرجع إلى الدراسة التجريبية للسلوك.
2 ـ أن يتعرف الطالب على أسس المنهج التجريبي.
3 ـ أن يتعلم الطالب كيفية تصميم التجربة، وأنواع التصميمات التجريبية ، واختيار مشكلة البحث وصياغة الفروض والتحقق من صحتها.

الموضوعات
1- العلم وخصائصه وأهدافه0
مدخل إلى علم النفس التجريبي:
تطور علم النفس التجريبي.
تعريف علم النفس التجريبي.
2- الطريقة التجريبية في علم النفس:
مفهوم التجربة.
أنواع العلاقات بين المتغيرات.
أنـواع التجارب.
المسئوليات الأخلاقية للباحث.
3ـ أنواع التصميمات التجريبية :
(أ) التصميمات التجريبية :
تصميم داخل الأفراد ( البسيط والعاملى ) 0
تصميم بين الأفراد ( البسيط والعاملى ) 0
التصميم المختلط 0

(ب) التصميمات شبة التجريبية :
تصميم المجموعة الواحدة 0
تصميم المجموعة الضابطة غير المكافئة 0
تصميم السلاسل الزمنية 0
التصميم المتعدد للسلاسل الزمنية
4 – مراحل إجراء التجربة العلمية:
التخطيط أو الإعداد للتجربة العلمية.
خطوات إجراء التجربة.
كتابة التقرير العلمي عن التجربة.
نموذج تقرير علمي عن التجربة.0
5ـ السيكوفيزيقا :
معنى السيكوفيزيقا ومجالاتها.
طرق قياس الإدراك الحسي للمنبهات.
طريقة الحدود.
طريقة المنبهات الثابتة.
طريقة التعديل.
طريقة اكتشاف الإشارة.
زمن الرجع:
الجذور التاريخية لموضوع لزمن الرجع.
تصنيف تجارب زمن الرجع.
تعريفات زمن الرجع.
أنواع زمن الرجع.
تحديد طبيعة أزمنة الرجع والعوامل المؤثرة فيها.
أهمية عامل الزمن وفائدة دراسة زمن الرجع.
6ـ الإدراك:
الإدراك الحسي وأهميته.
إدراك العمق البصري أو المسافة.
الخداع البصري.
تعريف الخداعات الإدراكية.
المراجع
عبد الفتاح القرشي ومحمد نجيب الصبوة (1994) : التجريب فى علم النفس0
التقييم
10 تقرير عن التجربة الأولى.
10 تقرير عن التجربة الثانية.
20 تقرير عن التجربة الثالثة.
20 درجة اختبار فصلي
40 درجة اختبار نهائي
الفصل الأول
العلم وخصائصه وأهدافه:
أولاًـ الفرق بين العلم والأفكار الشائعة:
1 ـ يميل الإنسان العادي للتمسك بآراء ليس لها سند علمي، بينما لا يتقبل الباحث العلمي أي فكرة دون إخضاعها للتجريب لإثبات صحتها أو خطئها.
2 ـ يبحث الإنسان العادي عن الشواهد التي تؤيد صحة تفسيره للظواهر، ويهمل التي تتعارض مع تفسيره. أما الباحث العلمي فيبحث عن كافة الشواهد التي تؤيد تفسيره والتي تتعارض معه، ويقبلها، ويخضعها للبحث.
3 ـ يحمل الإنسان العادي أفكارًا مسبقة ويحاول إثباتها بشتى الطرق، حتى لو وجد دلائل ضعيفة على صحتها. أما الباحث العلمي فإنه يتجرد من أفكاره المسبقة، ويبحث وموضوعية.

4ـ ينظر الشخص العادي إلى الحوادث المتلازمة على أنها ترتبط ارتباطًا السبب بالنتيجة، حتى لو كان هذا التلازم نتيجة للصدفة، أما الباحث العلمي فيحرص على التدقيق في هذا التلازم بطرق علمية منهجية.
5 ـ يلجأ الباحث العلمي لاستخدام أساليب الضبط التجريبي للتحقق من دقة العلاقة بين المتغيرات، وهو ما لا يستخدمه الشخص العادي.
6 ـ يستخدم الباحث العلمي النظريات والفروض في تفسير الظواهر، ثم يخضعها للفحص والتجريب، أما الإنسان العادي فيكتفي باستخدام انطباعاته الذاتية عن الظواهر.
الفكرة المركزية في هذه الفروق أن العلم منظم ومضبوط.

ثانيًاـ مفهوم العلم: ما هو العلم:
يُصعب وضع تعريف جامع مانع للعلم، وعمومًا فإن للعلم جانبين:
الأول: مضمون المعرفة، أو المعلومات التي تتراكم وتتكامل عن أحد مجالات الاهتمام.
ويُعرف العلم وفقًا لمضمون المعرفة على أنه " منظومة المعارف المتناسقة، أو مجموعة المفاهيم المترابطة الناتجة عن تراكم التراث العلمي عبر السنين".
الثاني: المنهج العلمي الذي يتمثل في طريقة التفكير وفى الأساليب التي يتبعها العلماء سعياً لاكتشاف المتغيرات في الطبيعة وفى الإنسان.

ويعرف العلم وفقًا للعملية أو النشاط العلمي  على أنه " ذلك النوع من النشاط الذي يساعد في اكتشاف المتغيرات المهمة في الطبيعة، والربط بين هذه المتغيرات، وتفسير العلاقات القائمة بينها من خلال اكتشاف المبادئ والقوانين الأساسية التي تنتظمها".
وتَجمع تعريفات أخرى بين كل من المضمون والعملية في تعريف العلم، ويُعرف العلم وفقًا لهذا على أنه" سلسلة مترابطة من المفاهيم والإطارات النظرية التي نشأت نتيجة لاستخدام المنهج العلمي دون سواه".
وتتمثل أهمية الجمع بين كل من المضمون والعملية في التأكيد على أن التراكم الكمي للمعارف الإنسانية ليس الشرط الوحيد لبناء العلم، إذ أن الطريقة التي تم التوصل بها إلى هذه المعارف هي أساس بناء الحقائق العلمية.
ثالثًاـ وظائف العلم:
تتجسد وظائف العلم في الإجابة عن الأسئلة التالية: ما أو ماذا؟ وكيف ؟ ولماذا ؟.
وتظهر وظيفة العلم في ضوء المحاولات المتعمدة لوصف السلوك الإنساني وصفاً كمياً أو كيفياً بهدف تحديد مختلف المتغيرات المتضمنة في تشكيله، واكتشاف العلاقات القائمة بينها، ثم محاولة اكتشاف الأسباب الكامنة وراء حدوث السلوك، وصياغة التفسيرات المحتملة باستخدام المنهج العلمي.

رابعًاـ أهداف العلم:
1ـ الفهم: ينطوي فهم الظواهر على جانبين أساسيين، هما:
أ ـ الوصف: ويشير إلى التحقق من طبيعة الظاهرة ( مثل التحصيل الدراسي، أو التأخر العقلي، أو الغش المدرسي، أو العنف، أو التدخين) عن طريق معرفة خصائصها، أو مكوناتها، أو المتغيرات التي تشكلها،  ومعدلات انتشارها. ومثال هذا ما هي معدلات انتشار التدخين، وما هي أنواع المواد التي يتم تدخينها، ومعدلات استهلاك كل مادة منها، وأي الفئات العمرية أكثر تدخينًا، وما هي معدلات انتشار التدخين بين الجنسين ( الذكور و الإناث )؟
  ورغم أهمية وصف الظاهرة إلا أن وصفنا للظاهرة لا يؤدي إلى فهمنا لها، فوصفنا لسلوك التدخين بمختلف جوانبها لا يعني فهمنا له، وهنا يأتي دور تفسير الظاهرة، ففهم الظاهرة لا يكتمل بوصفها بل لابد من تفسيرها.

ب ـ التفسير: يشير التفسير إلى التحقق من الأسباب التي أدت إلى حدوث الظاهرة، وكيفية حدوثها، والأسباب المترتبة على حدوثها. وبمعنى آخر التحقق من  العلاقة بين الظاهرة موضع الدراسة وغيرها من الظواهر الأخرى. وتُعد صياغة التعميمات ـ التصورات النظرية. التي تفسر الظواهر من أهم النتائج المرتبة على فهمها. وتتفاوت التعميمات من حيث مستويات تفسيرها، فقد يقدم أحد التعميمات تصورًا يفسر مجموعة محدودة من الظواهر. ورغم فائدته، إلا أن الهدف الأهم للعلم هو التوصل إلى تصورات يتسع مداها باستمرار. فالفروض، والنظريات، والقوانين جميعها تعميمات تتزايد درجة عموميتها بالتدريج، ولما كان التعميم الذي يعطينا أشمل تفسير هو أعظمها قيمة، فإن القانون إذن أعظم أهمية من النظرية أو الفرض. فعلى الرغم من فائدة التعميم الذي يفسر حركة كوكب واحد إلا أن التعميم الذي يفسر حركة كل الكواكب أعظم قيمة وأكثر فائدة (فان دالين، 1977، ص: 59).

2 ـ التنبؤ:
ويُقصد بالتنبؤ القدرة على توقع ما قد يحدث إذا سارت الأمور سيرًا معينًا، أو إذا وُجدت الظروف المسئولة عن حدوث ظاهرة ما. ويشير التنبؤ أيضًا إلى قابلية القانون أو القاعدة العامة للتطبيق في مواقف أخرى غير تلك التي نشأ فيها.
فقد استطاع مندلييف سنة 1871 التنبؤ بوجود عنصر جديد هو الجرمانيوم قبل اكتشافه له بخمسة عشر سنة، وذلك بعد أن لاحظ وجود ثغرات في الجدول الدوري الذي صنف فيه العناصر الكيميائية المعروفة.
وتُختبر صحة التنبؤ بخطوتين: تتمثل الخطوة الأولى في القيام بعملية استنتاج عقلي عن طريق الاستدلال. وتتمثل الخطوة الثانية في الاختبار التجريبي للتحقق مما إذا كان هذا الاستنتاج صحيح أم لا.
3 ـ الضبط:
يشير الضبط إلى التحكم في المتغيرات الأساسية التي تؤدي إلى وقوع حدث ما، وذلك بهدف زيادة احتمالات وقوع هذا الحدث، أو منع حدوثه. ولا يتحقق ضبط الظواهر بدون فهم كيفية حدوثها، والتحقق من المتغيرات المؤدية لحدوثها، والتنبؤ باحتمالات حدوثها. ويبدو هذا واضحًا من أن عجز الإنسان عن فهم بعض الأمراض المستعصية يقف حائلاً دون التوصل إلى علاجات ملائمة لهذه الأمراض، أما إذا عُرفت أسباب انتشار المرض، فيمكنا حينئذ البحث عن العلاجات المناسبة، وتجريب مدى فاعليتها، وإن أمكن هذا يُتاح التحكم في معدلات انتشاره.
الضبط غير ممكن في كل الحالات ( الكسوف والخسوف).

خامسًاـ خصائص العلم:
1- الموضوعية: تشير الموضوعية إلى البعد عن الأهواء والميول الذاتية عند الحكم علي المواقف، أو للتأكيد على اشتراك أكثر من شخص في إدراك وتسجيل خصائص الظاهرة بنفس الدرجة تقريبًا.
2- القابلية للتحقق: وتعني إثبات صحة الفروض والنظريات، أو دحضها عن طريق المشاهدة المضبوطة والقياس والتجريب، وما يتبع ذلك من حذف الفروض نهائيًا، أو تعديلها، أو تغييرها.
3- القياس: استخدام التقدير الكمي لوصف ما يوجد من خصائص الأشياء والأحداث وخصال الأشخاص. ويزيد القياس من دقة تقويم ما تتسم به الظواهر من خصائص، إذ أنه يوحد المعيار الذي يتم به تناول هذه الظاهرة.( التعريف الإجرائي ).
4- الطابع التراكمي ( غير الشخصي ):يُنسب العمل في بداياته لشخص ما، ثم إذا كان قابل للتحقق والإعادة يضاف إلي التراث العلمي الإنساني مما يحقق نوعًا من التقدم والارتقاء.
5- العلاقة الدينامية بين المشاهدات الواقعية والنظريات العلمية: وجود علاقة دينامية بين المشاهدات الواقعية والنظريات العلمية، فالنشاط العلمي نشاط دينامي متتابع الحلقات تتفاعل فيه كل من المشاهدة والمفاهيم النظرية التي تمثل النماذج النظرية المجردة.
6- قابلية العلم لأن يصحح نفسه: كل الباحثين يتبعون طريقة واحدة في التفكير ومنهج واحد فتصحح البحوث التحققية أخطاء سابقتها.
7 ـ القابلية للاستعادة: وتعني الحصول على نفس النتائج عند إعادة إجراء التجربة مرة أخرى في ظل تطابق الموقف التجريبي.
مدخل إلى علم النفس التجريبي:
أولاًـ تاريخ علم النفس التجريبي:
جمع هيرمان فون هيلمهولتز(1821-1894م) في نشاطه بين الفيزياء والفيزيولوجيا وعلم النفس، فقام بإجراء دراسات تتعلق بسرعة حدوث الدفعة العصبية(1850). فقام بإثارة أحد الأعصاب الحركية لدى الضفدع بواسطة تيار كهربائي ضعيف. وأعاد هذه العملية مرات عديدة ومن نقاط مختلفة من العصب الحركي. وفي كلّ مرة كان يحسب المسافة الفاصلة بين النقاط المثارة ويسجل استجابة الضفدع(انقباض العضلة) عن طريق جهاز خاص أعده خصيصاً لهذه الغاية(كيموجراف). ولاحظ المجرب أن ثمة فروقاً زمنية بين الاستجابات الحركية التي تصدر عن الضفدع، وأنَّ هذه الفروق تتناسب والفروق بين المسافات الفاصلة بين النقاط المثارة والعضلة. ومن خلال تعيين الفروق المكانية ومعرفة الفروق الزمنية تمكن هيلمهولتز من تحديد سرعة حدوث الاستثارة ووجد أنها مساوية لـ 25 متراً في الثانية.

ويرى دونديرس(1818-1889م) أن تصورات الإنسان عن العالم الخارجي تتكون نتيجة نشاط العقد العصبية الناتج عن المثيرات الخارجية التي تستقبلها أعضاء الحس. وقام بقياس الزمن الذي يفصل بين التنبيه والاستجابة. وقد وضعت النتائج التي انتهى إليها حدًا لإدعاءات بعض العلماء بأن العملية النفسية غير قابلة للقياس. وأظهرت أنها ظاهرة موضوعية تحدث في الزمان والمكان. وبهذا فتح دونديرس الباب أمام لاحقيه ليقدموا دراسات اتخذت من الاستجابات الحركية والكلامية موضوعًا لها بوصفها وقائع نفسية.
اهتم إرنست فيبر(1795-1878م) في بداية نشاطه العلمي بدراسة حاسة اللمس. ونشر حول هذا الموضوع كتابين، أولهما "اللمس" (1834)، وثانيهما "اللمس والحساسية العامة"(1846). وحاول فيبر في مؤلفيه عرض نتائج مشاهداته وتجاربه التي تركزت حول آليات ظاهرة اللمس ومواقع وجودها في جسم الإنسان ومقارنتها بالحساسيّة العامة. وزيادة على هذا اهتم بمسألة قدرة الإنسان على الإحساس بالفرق بين المنبهات اللمسية والبصرية والسمعية. فدرس الاختلاف بين البشر من حيث قدراتهم على التمييز بين الأوزان والأصوات والأشكال بطريقة تجريبية. فقد كان يطلب من مفحوصيه، مثلاً، مقارنة شيئين من حيث الوزن.

اشتغل جوستاف فخنر(1801-1887م) خلال حياته في الفلسفة والفيزياء والفيزيولوجيا والسيكوفيزياء. وقدم إلى جامعة ليبزيخ لدراسة الطب عام 1817. وهو العام الذي وصل فيبر إليها لتدريس التشريح. ومن ثمّ قام فخنر بتدريس الفيزياء منذ عام 1834. ويرى فخنر أن الظاهرة الحسية تمر بأربع مراحل: التنبيه ( المرحلة الفيزيائية )، والإثارة ( المرحلة الفيزيولوجية )، والإحساس ( المرحلة النفسية )، والمحاكمة ( المرحلة المنطقية ). وأن العتبة هي نقطة الانتقال من المرحلة الثانية ( الفيزيولوجية ) إلى المرحلة الثالثة ( النفسية ). وقام فخنر بصياغة نتائج دراساته  في شكل قانون رياض، وأطلق عليه فخنر بتواضع "قانون فيبر".
بدأ ويليام فونت(1832-1920م) حياته العلمية كطبيب ثم كاختصاصي في الفيزيولوجيا. ولعل أهم ما قدمه فونت هو كتابه "مبادئ علم النفس الفيزيولوجي" الذي نشره عام 1874، وتأسيسه لأول مخبر سيكولوجي عام 1879، تحول بعد فترة قصيرة إلى معهد زاره ودرس فيه العديد من رواد علم النفس في العالم. وتركزت البحوث التجريبية في المخبر على محاور ثلاثة: أ-دراسة الحس والإدراك البصري واللمسي والسمعي، ب-السيكوفيزياء، ج-دراسة زمن الرجع. ولكي يتسنى نشر نتائج هذه البحوث أسس فونت مجلة "الدراسات الفلسفية" عام 1881. و رأى فونت إن علم النفس، يجب أن يدرس الخبرة الداخلية المباشرة للفرد. وقد حدد الخبرة على هذا النحو، وألحق بها تلك الصفات كي يكسبها خصوصية تميزها، بل وتفصلها عن خبرة الفرد الخارجية. وبعد أن أجرى فونت سلسلة من التجارب المعملية مستخدمًا طريقة الاستبطان اعترضته صعوبات كثيرة بسبب تفاوت قدرة المفحوصين على التعبير عما يدور في داخلهم.

أخضع عالم النفس الألماني هيرمان ابنجهاوس (1850-1909) إحدى الوظائف النفسية المعقدة، وهي التذكر، للدراسة التجريبية، مدشنًا بذلك عهدًا جديدًا في تاريخ علم النفس التجريبي. وفي إحدى زياراته لفرنسا، وبينما كان يطوف شوارع باريس عثر بالمصادفة في أحد المحلات الصغيرة لبيع الكتب على كتاب "عناصر السيكوفيزياء". وقد أعجب بهذا المؤلف أيّما إعجاب، ولاسيما برهان صاحبه على إمكانية قياس الظاهرة النفسية (الحس) قياسًا كميًا. وقرر المضي في هذا المنهج، فوقع اختياره على موضوع التذكر.

واشتملت دراسة ابنجهاوس على 2300 مقطعٍ عديمة المعنى، ولقد ساعدته لغته الألمانية المعروفة بكلماتها الطويلة من وضع هذا العدد من المقاطع. ويكمن سبب اختياره للمقاطع عديمة المعنى في أنه أراد أن تكون عناصر مادة تجربته متساوية في درجة صعوبتها بالنسبة لكافة الأشخاص. وزيادة على هذا حرص على استبعاد أي تصور أو تداع محتمل يمكن أن يثيره المقاطع لدى الشخص. ثم قام ابنجهاوس بترتيب هذه المقاطع في سلاسل ذات أطوال متدرجة، تتألف أولاها من ثلاثة مقاطع والثانية من أربعة مقاطع، وهكذا إلى أن يصل عدد مقاطع السلسلة الأخيرة إلى ثلاثة عشر. وبهذا توصل ابنجهاوس إلى وضع العديد من المهمات التي تتألف كل واحدة من مجموعة من السلاسل.
وتوصل إلى أن عدد المرات اللازم لاسترجاع مادة ما يتناسب طردًا مع طولها، فكلما كانت المادة طويلة تطلبت مهمة حفظها واسترجاعها فيما بعد على نحو صحيح عددًا أكبر من المرات. ووجد أن عدد المرات اللازم لإعادة حفظ موضوع ما يتناقص مع مرور الزمن، إذ أن الجزء الأكبر من المادة المنسية يقع في الفترة الزمنية التي تعقب الحفظ مباشرة.
وسمحت آراء ابنجهاوس بالانتقال من مجال النظرية إلى ميدان تطبيقها وتعميمها على أرض الواقع. ولهذا السبب الجوهري يمكن اعتبار طريقة ابنجهاوس أول طريقة سيكولوجية علمية، نظرًا لاستخدامه طريقة موضوعية في بحث واحدة من الوظائف العقلية العليا، وتأكيده على قياس الفعل وليس القول مثلما فعل فونت.
ويكاد يجمع النقاد والمؤرخون من المهتمين بعلم النفس على أن كتاب "حول التذكر" الذي نشره ابنجهاوس عام 1885 هو واحد من أكثر المؤلفات في علم النفس التجريبي دقة وأصالة.

ثانيًاـ تعريف علم النفس التجريبي:
" هو أحد فروع علم النفس الأساسية التي تستهدف ابتكار طرق جديدة للبحث العلمي، وتطوير أساليب إجراء وتصميم التجارب العلمية".
ويكشف هذا التعريف عن الموقع المركزي للمنهج التجريبي بالنسبة لهذا الفرع من فروع علم النفس: حيث يتركز الاهتمام على طرق معالجة المتغيرات المستقلة، وقياس تأثيراتها في المتغيرات التابعة، بالإضافة إلى ضبط تأثيرات المتغيرات الدخيلة. ويتمثل الهدف الأساسي لمثل هذه الإجراءات في الوصول إلى أقصى درجات التحكم في الموقف التجريبي، مما يؤدي في النهاية إلى استنتاج علاقة سببية بين المتغيرات، ويمكن للباحث حينئذ أن يزعم أن أي تغير طرأ على المتغير التابع هو نتيجة للمعالجة التجريبية للمتغير المستقل، وليس لغيره من المتغيرات.

يُنظر إلى علم النفس التجريبي على أنه القاسم المشترك الأعظم بين مختلف فروع علم النفس، فاستخدام التقنيات التجريبية المنضبطة هدف نموذجي تسعى إليه كل فروع العلم.
يعكس تطور علم النفس التجريبي مدى التطور في مناهج البحث المستخدمة في  شتى فروع علم النفس.
يقوم على استخدام المنهج العلمي القائم على المشاهدة والتجربة والقياس والاستدلال الاستقرائي، ويهدف من ذلك إلى تحقيق أعلى معدلات التوافق الإنساني والإنتاج كماً وكيفاً.
يبحث الظواهر السيكولوجية بالطرق التجريبية، أي إتباع قواعد معينة في تصميم وإجراء التجارب وتفسيرها مثله في ذلك مثل العلوم الطبيعية، ويستخدم عادة أجهزة معملية ويفيد من النتائج التجريبية التي يحصل عليها.
من المشكلات التي يهتم به عالم النفس التجريبي:
كيف نتعلم، كيف نحتفظ بما نتعلمه، كيف نتذكر، وماذا يجعلنا ننسى ؟
ما هي العوامل المؤثرة في دقة الانتباه؟
ما هي الكيفية التي يتم بها الإدراك ( الشكل، اللون، العمق، الكلام)؟
لماذا يصعب علينا التركيز في أحيان كثيرة ؟

الطريقة التجريبية في علم النفس:
أولاًـ مفهوم التجربة:
مثال أول: أثر عدد ساعات النوم في كفاءة التذكر.
مثال ثاني: أثر المكافأة المالية في كفاءة حل المشكلات الحسابية وعلى سبيل المثال، إذا افترض الباحث الفرض التالي: "تزداد كفاءة حل التلاميذ للمشكلات الحسابية مع زيادة قيمة المكافأة المالية على الأداء الجيد". يمكن اختبار صحة هذا الفرض عن طريق التوزيع العشوائي للعينة على ثلاث مجموعات تجريبية، تتعرض كل منها لظرف تجريبي يختلف عن الظرف التجريبي الذي تتعرض له المجموعة الأخرى على النحو التالي: يتلقى الأشخاص في المجموعة الأولى عشرة جنيهات عن كل مشكلة يحلونها حلاً صحيحًا، ويتلقون في المجموعة الثانية خمسة جنيهات عن كل مشكلة يحلونها حلاً صحيحًا، ولا يتلقون في المجموعة الثالثة أي مكافأة مالية عن المشكلات التي يحلونها حلا صحيحًا. ويُقاس بعد هذا الأداء الفعلي للأشخاص للتحقق مما إذا كانت زيادة المكافأة المالية قد زادت من كفاءة الأداء أم لا.


مثال ثالث: تلك التجربة التي أجراها هارلو سنة 1958 حول ارتباط الطفل بأمه. وحاولت هذه التجربة الإجابة عن السؤال التالي: هل يرجع الارتباط بين الطفل وأمه للاتصال الجسدي أم للإرضاع. وتضمنت العينة التجريبية مجموعتين من القردة، ونموذجين صناعيين للأم. وتم تغطية النموذج الأول بالقماش ليمثل الاتصال المريح. وشُكل النموذج الثاني للاتصال غير المريح من السلك فقط. وتعرضت القردة الصغيرة لكلا النموذجين في ظل تقديمهما للحليب أو عدم تقديمه.
واكتشف هارلو من خلال تسجيل الوقت الذي يلتصق فيها القرد بنموذج الأم، أن الارتباط اعلي بالأم القماش سواء كانت تقدم الحليب أم لا. ويعني هذا أن الاتصال المريح هو الأهم.
مثال رابع: تجربة جريسيل عن تأثير الضغط الجوي الذي تتعرض له الأم الحامل علي صحة الوليد ونشاطه الحركي. وقد استعان في هذه التجربة بمجموعة من الفئران  الحوامل. مثلت إحداهما المجموعة الضابطة، حيث تتعرض للضغط الجوي العادي. ومثلت الأخرى المجموعة التجريبية، حيث تتعرض للضغط الجوي المرتفع 7 مرات في اليوم لمدة 20 دقيقة لمدة 20 يوم.
وتم فحص اللياقة الصحية لكل وليد. وكشفت النتائج عن أن نسل المجموعة التي تعرضت للضغط المرتفع اقل من حيث الوزن والنشاط الحركي مقارنة بالمجموعة الأخرى.

ثانيًاـ تعريف التجربة:
هي محاولة للتحقق من فرض علمي عن طريق المعالجة التجريبية للمتغير المستقل، ثم رصد أثر هذه المعالجة في المتغير التابع مع ضبط أو تثبيت جميع الظروف الأخرى التي يمكن أن تؤثر في نتائج التجربة.
أو أنها ملاحظة مقصودة يحدثها الباحث عمداً في ظروف صناعية لجمع وتنظيم المعلومات تنظيماً يسمح بإثبات أو نفى فرض من الفروض.
وتبدأ عادة بتساؤل يريد الباحث أن يعرف إجابته.
مشكلة ( نظرية – عملية ) يريد حلاً لها 0
مثال : التذكر والعوامل المؤثرة فيه (مشكلة نظرية ).
فعالية برنامج لعلاج الخوف ( مشكلة عملية ).

عناصر التجربة:
تتضمن التجربة ثلاث عناصر أساسية، هي:
1ـ المعالجة التجريبية للمتغيرات.
2ـ ضبط المتغيرات الدخيلة.
3ـ قياس المتغير التابع.  
المتغيرات:
يجدر بنا قبل عرض العناصر الأساسية للتجربة، شرح ما نعنيه بالمتغيرات:
المتغير هو أي شيء يمكن أن تتغير قيمته كمياً وكيفياً.
حيث يمكن التحكم في النوم - على سبيل المثال- كميًا عن طريق عدد الساعات التي يُسمح فيها للشخص بالنوم. ويمكن التحكم في التدعيم كيفيًا في ضوء التدعيم المعنوي والتدعيم المادي.
وتنقسم المتغيرات إلى كل من:

أ - المتغير المستقل:
هو المتغير الذي يتحكم الباحث في قيمته بالزيادة والنقصان للتحقق من تأثيره في المتغير التابع. مثل تأثير زيادة معدلات التدريب في كفاءة التعلم. ويُطلق عليه مصطلح مستقل لأنه لا يرتبط بما يفعله الشخص. وتوجد العديد من المتغيرات التي يمكن دراسة تأثيرها في السلوك.
وُتصنف المتغيرات المستقلة وفقًا لقدرة الباحث على إخضاعها للمعالجة التجريبية إلى نوعين، هما:
1- متغيرات مستقلة تصنيفية:
وهي متغيرات لا تخضع للتحكم التجريبي من قبل الباحث، ويمكن تناولها بالدراسة بشكل غير مباشر أي بالانتقاء والتصنيف، مثل خصائص الأشخاص كالجنس والنوع، والعمر، والذكاء. ولهذا تسمى متغيرات تصنيفية.  
2- متغيرات مستقلة تجريبية:
وهي متغيرات تخضع للتحكم التجريبي من قبل الباحث، حيث يمكن التحكم في قيمتها بالزيادة والنقصان، تبعا لتصميم التجربة فتسمي المتغيرات التجريبية. مثل شدة الصوت، والضوء، وحجم التنبيهات، ونوعها.

ب- المتغيرات الدخيلة:
تتمثل في أي متغير يمكن أن يؤثر في المتغير التابع دون أن يكون مستهدف بالدراسة. وقد ترجع لخصائص الأشخاص أو ظروف التجربة أو ظروف خارجية.
ويتداخل تأثير المتغيرات الدخيلة مع تأثير المتغيرات المستقلة مما يجعل من الصعب التحقق من سبب التغيرات التي طرأت على المتغير التابع ( المستقل، أم الدخيل).
مثال: سرعة استجابة المفحوص للمنبهات البصرية البسيطة والمركبة.  
متغيرات دخيلة هنا مثل ( الذكاء – الإضاءة – الضوضاء – العمر ـ النضج ـ الخبرات السابقة).

ج- المتغير التابع:  
هو التغير الذي طرأ على أداء الشخص نتيجة تعرضه للمعالجة التجريبية، والتي تعبر عنها استجابات الأشخاص. وهي متغيرات تابعة لأنها تتبع المتغير المستقل في التغير. وتعبر المتغيرات التابعة عادة عن بعض مقاييس السلوك. وتُستخدم عادة صيغة " س دالة ص " للدلالة على اعتماد التغير في متغير ما على التغير في قيمة متغير آخر.
ويتوقف وصف متغير بأنه مستقل أو دخيل أو تابع بحسب وضعه في التصميم التجريبي. مثال : متغير القلق يمكن أن يكون :
مستقل: عندما يكون هو المقصود بالدراسة ( أثر القلق على التحصيل الدراسى ).
دخيل: عندما يكون غير مقصود بالدراسة ولكنه يؤثر على النتيجة.
تابع: عندما يكون الهدف دراسة العوامل التي تؤثر على القلق.
وترجع أهمية وصف المتغير التابع والتدقيق في قياسه، إلى أن مشاهدة ما يحدث للاستجابة من تغيير منتظم نتيجة تغيير المتغيرات المستقلة هو الهدف من إجراء التجربة.

العنصر الأول: المعالجة التجريبية للمتغيرات:
تشير إلى تدخل الباحث بالتغيير والتعديل في المتغير المستقل. وتأخذ المعالجة التجريبية أكثر من شكل:
1- تقديم المتغير المستقل أو حجبه: مثل تقديم مكافأة مالية عند حل المشكلات حلاً صحيحًا، أو عدم تقديمها.  
2- تقديم المتغير بدرجات مختلفة: مثل التحكم في قيمة المكافأة المالية التي تقدم عند الحل الصحيح للمشكلات الحسابية، خمسة جنيهات، أو عشرة، أو خمسة عشر.    
3- تقديم المتغير بكيفيات مختلفة: مثل التحكم في نوعية التدعيم، بأن يُقدم لأحدى المجموعات تدعيمًا ماديًا، ويُقدم للأخرى تدعيمًا معنويًا.
أساليب المعالجة التجريبية:
1- استخدام العقاقير لمعرفة أثرها، ويحدث هذا غالبًا عندما تجرى البحوث على عينات غير آدمية، مثل الفئران.
2- استخدام أساليب جراحية مثل استئصال أجزاء من مخ حيوان لمعرفة تأثير هذا على جانب محدد من جوانب السلوك.
3- أساليب ميكانيكية والكترونية مثل أجهزة المختبر.
4- أساليب سلوكية حيث يقدم المجرب سلوك ما أو تقدير أثره علي المفحوص (تشجيع).  
العنصر الثاني: ضبط المتغيرات الدخيلة:
مشكلة هذا النوع من المتغيرات أن تأثيرها يختلط مع تأثير المتغير التجريبي المقصود بالدراسة، ويمنع هذا من إمكانية تحديد ما إذا كان التغير الذي طرأ على المتغير التابع. يرجع إلى المتغيرات المستقلة، أم إلى الدخيلة، أم إلى تأثيرهما معاً.
يجب على الباحث أن يتخذ إجراءات معينة لضبط تأثير المتغيرات الدخيلة.
الفشل في ضبط هذه المتغيرات يهدد الصدق الداخلي للدراسة ويضعف الثقة في نتائجها.
مصادر المتغيرات الدخيلة وأساليب ضبطها:
أ- خصائص الأفراد: مثل العمر –الجنس – الخبرة السابقة – مستوى الذكاء – الدافعية وعلى الباحث ضبط تأثيرها بحيث يحقق التكافؤ بين المجموعات فيما يتعلق بخصائص الأفراد ويمكن ضبط تأثيرها باستخدام الأساليب التالية:

1- تصميم داخل الأفراد:
استخدام نفس الأفراد في جميع الظروف التجريبية المختلفة بحيث يتعرض كل فرد من العينة لكل ظرف تجريبي ويتم قياس أدائه. ويعني هذا عدم وجود مجال لاختلاف خصائص الأفراد، حيث أن الأفراد هم أنفسهم الذين يشاركون في كل الظروف التجريبية.
تعتبر أفضل الطرق لتحقيق الضبط الكامل لجميع المتغيرات الدخيلة المرتبطة بخصائص الأفراد.
عيوبها: امتداد تأثير المعالجات وصعوبة تقدير تأثير كل معالجة على حدة ( مثال تأثير عقار في دقة الانتباه).
2- طريقة التجانس ( أو الاستبعاد):
يتحقق ذلك باختيار مجموعات متجانسة، ومن مستوى واحد للمتغير الدخيل المطلوب ضبطه.
مثال : الجنس ( المجموعة كلها من الذكور )
العمر ( فئة عمرية واحدة ) – الذكاء ( مستوى ذكاء متقارب).
يمكن للباحث بهذه الطريقة أن يتحكم في أكثر من متغير. ولكن من عيوبها: تضييق نطاق التجربة – تقلل من إمكانية تعميم النتائج.

3- التناظر: يتحقق التناظر باستخدام إحدى الطريقتين التاليتين:
طريقة الأزواج المتناظرة: توزيع الأفراد على المجموعات وفقاً لمستوياتهم فى الخاصية المطلوب ضبطها بحيث يتوفر فى كل مجموعة نفس المستويات تقريباً من الخاصية.
مثال: متغير الذكاء.
طريقة المجموعات المتناظرة: قياس الخاصية المطلوبة ضبطها في المجموعتين، ويتحقق التناظر إذا كانت المجموعتين متقاربتان في الخاصية اعتمادًا على بعض المؤشرات الإحصائية مثل المتوسط، والانحراف المعياري.
وتحقق طريقتا التناظر التكافؤ فيما يتعلق بمتغير أو اثنين، ولكن من الصعب أن تستخدما لضبط أكثر من متغيرين.

4- التوزيع العشوائي للأفراد على مجموعات البحث:
تساعد على توزيع خصائص الأفراد بطريقة متكافئة على مجموعات البحث، بحيث لا تتركز خاصية معينة في مجموعة دون أخرى.
ويشمل التوزيع العشوائي كافة المتغيرات الدخيلة.
ويضم إمكانية ضبط جميع خصائص الأفراد.
عيوبها: قد لا يتحقق هذا في حالة العينات الصغيرة.
5- الضبط الإحصائي:
يتم قياس المتغير الدخيل وتستخدم أساليب إحصائية مثل تحليل التغاير ، والارتباط الجزئى.
نستطيع الحصول من تحليل التغاير على تقدير التأثير الذي يرجع إلى المتغير المستقل بعد عزل تأثير المتغير الدخيل.

ب- متغيرات دخيلة ترجع إلى الظروف الخارجية:
يظهر تأثير هذه المتغيرات إذا استمر إجراء التجربة مدة طويلة، بمعنى أن يتضمن التصميم التجريبي عدد من الجلسات التجريبية عبر مدد زمنية ممتدة.
مثال: دراسة تأثير برنامج إرشادي، قد تؤثر في هذه الحالة الظروف الاجتماعية، والخبرة، والإعلام.
ويظهر تأثيرها بوضوح في حالة المجموعة الواحدة مع عدة قياسات.
ويُضبط تأثير هذه المتغيرات الدخيلة باستخدام مجموعة ضابطة مع المجموعة التجريبية أو مجموعتين تجريبيتين تقدم لكل منهما معالجة تجريبية مختلفة.

ج- متغيرات دخيلة ترجع إلى ظروف التجربة:
1- توقعات المشاركين: تؤثر توقعات المشاركين  نتيجة لمعرفتهم أنهم يشاركون في التجربة في أدائهم إما بالسلب وإما بالإيجاب، وهذا بصرف النظر عن طبيعة المعالجة التجريبية.
مثال أول: تجربة هورثون: دراسة تأثير فترات الراحة في كفاءة الإنتاج.
التصميم التجريبي: وضعت إحدى المجموعات في خاصة، وبقيت المجموعات الأخرى في موقعها، وقدمت معالجات مختلفة لفترات الراحة وتوزيعها للمجموعات المختلفة.
النتائج :
كان مستوى كفاءة أداء المجموعة التي عُزلت في حجرة خاصة أفضل دائماً بصرف النظر عن نوع المعالجة وحتى بدون تقديم معالجة. وعُرف هذا بمسمى تأثير هورثون.
مثال ثاني: إعطاء عقاقير طبية ليس لها تأثير placebo.
ويتم التحكم في هذا المتغير الدخيل باستخدام أسلوب الحجب البسيط simple – blind  ويعني هذا الأسلوب عدم معرفة المجموعات بطبيعة المعالجة التجريبية، مع التأكيد على ضرورة عدم شعور المشاركين في مختلف المجموعات بأي فروق نتيجة لوجودهم في مجموعة ما.
ويظهر أيضًا تأثير التوقع بالنسبة للمجرب، حيث تؤدي معرفة بهدف التجربة، وتحديد المجموعة التجريبية إلى زيادة حماسه للطريقة التي تتفق مع توقعاته.
ويتم ضبط تأثير التوقع في هذه الحالة باستخدام أسلوب الحجب المزدوج double – blind، حيث تُحجب المعلومات عن المشاركين والمجربين.


2- الظروف الفيزيقية للتجربة:
متغيرات دخيلة ترجع إلى الخصائص الفيزيائية لمكان إجراء التجربة، مثل شدة الضوء، والضوضاء، ودرجة الحرارة، والألوان، وترتيب الحجرة، والأثاث.
وتُعد طريقة التثبيت أفضل طريقة لضبط هذه المتغيرات. بحيث تتساوى الظروف فى المجموعتين التجريبية والضابطة.
أما في حالة وجود بعض المتغيرات التي لا يمكن تثبيتها مثل استخدام أكثر من مجرب، أو إجراء التجربة في أوقات مختلفة، فإن أفضل طريقة للضبط في هذه الحالة هي طريقة الموازنة.
وتتضمن هذه الطريقة تعريض المشاركين في كل ظرف تجريبي للصور المختلفة للمتغير الدخيل. فمثلاً وقت الإجراء: يعمل نصف المشاركين فى كل ظرف تجريبى فى وقت مبكر ويعمل النصف الآخر فى وقت متأخر.

3- تأثير العوامل العارضة: هي العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى تذبذب الأداء من محاولة إلى أخرى ( تشتت الانتباه – الحالة النفسية).
وللتغلب على تأثيرها يجب تكرار التجربة لعدد من المحاولات والاعتماد على متوسط أو وسيط هذه المحاولات.

ثالثاً : قياس المتغير التابع:
إن أي تجربة تظهر نتائجها في صورة سلوك قابل للقياس، وهو ما يعبر عنه بالمتغير التابع. والاستجابة يكون لها أكثر من مظهر كتكرارها وشدتها ومدتها. ويتوقف مظهر الاستجابة الذي يتم قياسه على صياغة الفرض الذي تُجرى الدراسة للتحقق منه.
وتتمثل أهم طرق قياس الاستجابة فيما يلي:
1ـ سعة الاستجابة: تشير إلى قوة الاستجابة أو شدتها. مثل شدة التوتر كما يقاس من خلال مقياس السيكوجلفانوميتر، أو حين نكون بصدد اختبار متدرج للشدة كما في قياس الاتجاهات. من أمثلتها :
القوة التي يستخدمها الحيوان في الضغط على الرافعة للحصول على الطعام وكلما زادت قوة الضغط كان ذلك مؤشراً على سعة الاستجابة.
شدة ضغط القلم على الورقة أثناء الكتابة كمؤشر للتوتر0
اتساع حدقة العين كمؤشر للفرح، زيادة كمية اللعاب عند سماع صوت الجرس في تجارب الإشراط الكلاسيكى 0
تستخدم مقاييس سعة الاستجابة بكثرة في تجارب التعلم والدافعية.
قد تستخدم مقاييس التقدير أحياناً لقياس السعة ومنها :
الشكل المعروض يسبب لي الضيق بدرجة :
كبيرة – متوسطة – قليلة 0

2- مدة الاستجابة: تشير إلى الوقت الذي يستغرقه الشخص في الوصول إلى نهاية الاستجابة، أي الوقت الفاصل بين بدء الاستجابة ونهايتها. مثل الوقت اللازم لاجتياز المتاهة.
تستخدم في أنواع السلوك الذي يستمر لفترة زمنية معينة.
يكثر استخدامها في تجارب الإدراك والتعلم والمهارات الحركية.
من أمثلتها:
الزمن المستغرق في الوصول إلى نهاية المتاهة – كتابة نص
تعتبر المدة مؤشر على سرعة الأداء.
تستخدم ساعات الإيقاف لقياس زمن الاستجابة.
3- كمون الاستجابة: وهو الوقت الفاصل بين ظهور التنبيه وبدء صدور الاستجابة. الوقت الذي ينقضي بين ظهور المنبه أو المثير وبداية الاستجابة ( ويشار إليه أحياناً زمن الرجع)، غير أن زمن الرجع قد يتضمن الوقت الذى يستغرقه المفحوص فى الاستجابة، بالإضافة إلى الوقت الذى ينقضى بين ظهور المنبة وبداية الاستجابة.
4- تكرار الاستجابة: يُستخدم هذا المقياس في العلوم الاجتماعية، ويشير إلى عدد مرات إقبال عينة من الأشخاص على إصدار سلوك ما، مثل الصلاة والتدخين. تقاس بعدد مرات حدوث الاستجابة.
تُستخدم في السلوك الذي لا يستغرق سوى فترة زمنية قصيرة جداً.
يمكن تحويل التكرار إلى نسبة مئوية.
من أمثلتها: قياس التذكر بنسبة الكلمات التي تذكرها الشخص من مجموع الكلمات التي قدمت له، وتكرار الاستجابات الخطأ كمؤشر لقياس الدقة.
5- معدل الاستجابة: هو عدد وحدات الاستجابة التي يحصل عليها المفحوص في وحدة من الزمن. وتُقاس بعدد مرات الاستجابة التي تصدر في مدة زمنية معينة ( فى اليوم أو الساعة أو الدقيقة ) مثل عدد نوبات الغضب، وعدد نبضات القلب.
قد يؤثر معدل الاستجابة أحياناً في جودة الأداء، لأنه كلما زاد معدل سرعة الأداء زاد احتمال وقوع الفرد فى الخطأ 0
الفرق بين مؤشر التكرار ومؤشر معدل الاستجابة أن الأول يعبر عن مجموع تكرارات حدوث الاستجابة أثناء وقت التجربة، أما المعدل فيعتمد على متوسط تكرارات الاستجابة فى وحدات زمنية محددة.

6- مستوي الاستجابة: تُستخدم هذه الطريقة إذا تمكن الباحث من تدريج مستوى صعوبة الاختبار الذي يتعرض له الأشخاص، ومثال هذا اختبارات الذكاء. ويستخدم عند قياس المستوى الكيفي للأداء، عندما يكون الزمن المتاح للاستجابة غير محدد ، كقياس مستوى القدرة على حل المشكلات الصعبة.
تستخدم بكثرة في تقدير الاستجابات الحركية والأعمال الفنية.
7- دقة الاستجابة: مثل عدد الأخطاء في اختبارات الشطب  

أنواع العلاقات بين المتغيرات
في الدراسات النفسية
تُصنف المتغيرات موضع الدراسة في علم النفس ثلاثة أنواع هي:
1ـ متغيرات التنبيه: يُقصد بمتغيرات التنبيه أي تغيرات في البيئة الخارجية المحيطة بالكائن تؤثر في وعيه. وتُعد معظم المتغيرات المستخدمة في تجارب علم النفس من نوعية متغيرات التنبيه هذه. ويستخدم مفهوم التنبيه هنا بالمعنى الواسع الذي يشمل أي جانب من جوانب البيئة الفيزيائية، أو الاجتماعية التي تثير أجهزة الاستقبال الحسي في الكائن أو تؤثر في سلوكه، والأمثلة البسيطة لها الضوء والصوت والحرارة، والضغط....الخ. وهذه المتغيرات يمكن تحديد مقدراها أو درجة شدتها مثلاً.
2ـ متغيرات الكائن: يُقصد بها أي متغيرات تمثل خاصية أو سمة مميزة للكائن أو شخص المشارك وتتسم بالثبات النسبي. وتشمل هذه المتغيرات الخصائص الجسمية أو الفسيولوجية مثل: النوع،السلالة، الطول والوزن ...الخ، أو خصائص سيكولوجية مثل: الذكاء، وسمات الشخصية، والاتجاهات، والميول، أو المتغيرات الديموجرافية مثل المستوى الاجتماعي والاقتصادي، ومستوى التعليم. وهذه متغيرات لا تخضع للمعالجة التجريبية.

3ـ متغيرات الاستجابة: تشير إلى أي نشاط يقوم به الشخص. ونادرًا ما تستخدم هذه المتغيرات كمتغيرات مستقلة في سياق إجراء التجارب المعملية. ( مثال: التحقق من فرض مفاده أن الناجحين في اختبارات قيادة السيارة لديهم درجة أعلى من التآزر البصري).
ويُشار إلى العلاقة بين المتغيرات بكلمة وظيفة أو دالة ( د )، فعندما نقول أن التحصيل الدراسي دالة للذكاء والمثابرة، فمعنى هذا أن التحصيل يتغير كميًا حسب مستوى الذكاء والمثابرة.  

أنواع العلاقات:
1ـ العلاقة بين الاستجابة والمنبه (س= دم):
الاستجابة دالة للمنبه، أي أنها تتغير تبعا له، مثل:
حدقة العين والضوء.
سرعة التنفس (استجابة ظاهرة ) دالة لكمية ثانى أكسيد الكربون (منبه داخلى ) (دراسات تجريبية).
إفراز الإدرينالين ( استجابة داخلية ) دالة للتعرض لموقف مثير ( منبه خارجى ).
جفاف الحلق ( استجابة داخلية ) دالة لكمية الماء فى أنسجة الجسم ( منبه داخلى ).
هذا النوع من العلاقات هى الأكثر استخداماً فى الدراسات التجريبية.
2- العلاقة بين الاستجابة وخصائص الكائن (س= دك):
الاستجابة دالة لخاصية الكائن الحي، أي أن أي تغير في الكائن ينتج عنه تغير في الاستجابة، مثل القلق والأداء الحركي، أو الذكاء والتحصيل الدراسي(دراسات ارتباطية).  
من أمثلتها :
الأخطاء في الأداء الحركي ( استجابة ) دالة القلق (صفة).
التحصيل (استجابة ) دالة الذكاء والدافعية (صفتان).
العلاقات الاجتماعية (استجابة) دالة الاتجاهات (صفة ).
هذا النوع من العلاقات يدخل في نطاق الدراسات الوصفية.

3- علاقة استجابة باستجابة (س= دس):
الاستجابة دالة للاستجابة، أي أن استجابة ما يقوم بها الكائن الحي تتوقف على استجابة أخرى، مثل تقلص المعدة ناتج من الإحساس بالجوع (دراسات وصفية).
من أمثلتها :
الوقوع في الحوادث (استجابة ) دالة السرعة (استجابة).
تقلصات المعدة (استجابة ) دالة الإحساس بالجوع (استجابة).
عدد الأخطاء (استجابة) دالة سرعة الاستجابة (استجابة).
هذا النوع من العلاقات موضوع الدراسات الوصفية الإرتباطية.

4- العلاقة بين خصائص الكائن الحي والمنبهات (ك=دم):
خاصية الكائن الحي دالة للمنبه، أي تتغير خصائص الكائن الحي نتيجة للتغير في منبه معين.
الحالة الجسمية للوليد (جسمية ) دالة لتغذية الأم الحامل (منبه).
الإبتكارية لدى الأبناء (معرفية) دالـة لأسلوب التنشئة الاجتماعية (منبه ).
الاكتئاب (وجدانية ) دالة لمواقف الإحباط ( منبه ).
5- العلاقة بين مختلف صفات الكائن الحي(ك=دك):
أي أن التغير في خاصية معينة لدى الكائن الحي دالة لخاصية أخرى.
الابتكارية (معرفية ) دالة للذكاء (معرفية ).
مفهوم الذات (وجدانية ) دالة ملامح الوجه ( جسمية ).
الميول المهنية ( وجدانية ) دالة للاستعدادات العقلية ( معرفية ).

أنـواع التجارب
تُصنف التجارب النفسية إلى عدد من الأنواع:
أولاًـ وفقًا لنوع المفحوص:
1- تجارب تجرى على الإنسان: والإنسان هو المستهدف بالتجارب النفسية، وتشمل هذه التجارب كل جوانب السلوك الإنساني. ويُستفاد منها في عمليات التفسير والتنبؤ والضبط للسلوك الإنساني. وتحول اعتبارات أخلاقية وإنسانية دون إجراء بعض التجارب على الإنسان.
2- تجارب تجرى على الحيوان: ويتم اللجوء إليها عندما يتعذر تنفيذ التجارب على الإنسان. وتتميز هذه التجارب بدرجة عالية من الضبط للمتغيرات الدخيلة، غير أن نتائج التجارب على الحيوان لا تصلح للتعميم على الإنسان.
ثانيًاـ وفقًا لمكان إجراء التجارب:
1- ميدانية: تُجرى فى واقع الحياة العملية خارج المختبر، وتتميز بأنها تدرس الظاهرة في الواقع. ويختار الباحث هنا مجموعات البحث من الواقع مثل الأسرة، أو المدرسة. وتتميز بإمكانية تعميم نتائجها والإفادة منها في الجوانب التطبيقية.
عيوبها: صعوبة التحكم فى المتغيرات الدخيلة، أو التوزيع العشوائى للأفراد على مجموعات البحث.
2- مختبرية: تُجرى داخل المختبر، حيث يمكن فصل الظواهر وتحديد المتغيرات تحديدًا دقيقًا، وضبط المتغيرات الدخيلة مما يزيد من الصدق الداخلي والثقة في نتائجها.
عيوبها: صعوبة تعميم النتائج.
3- المحاكاة: تُجرى التجارب بهذا الأسلوب عندما يستحيل دراسة الظاهرة في المواقف العملية لاعتبارات عملية أو أخلاقية. وتتضمن تصميم مواقف اصطناعية تشبه إلى حد كبير الموقف أو الظاهرة المقصود دراستها ( برامج المحاكاة بواسطة الحاسب الآلى).

ثالثًاـ تصميم التجارب بحسب مجال الدراسة:
1- النفسي الفسيولوجي والبيولوجي: تدرس العلاقة بين الظواهر النفسية وأساسها الفسيولوجي والبيولوجي.
2- الإدراك: مجالات الإحساس والانتباه والإدراك (مجلة علم النفس التجريبى للإدراك الإنسانى).
3- النمو: مظاهر النمو المختلفة ومراحله المتعاقبة (مجلة علم النفس التجريبى لسيكولوجية الطفل).
4- المعرفي: الذاكرة والتعلم ومختلف العمليات المعرفية (مجلة علم النفس التجريبى للتعلم والذاكرة والمعرفة).
5 – علم النفس الاجتماعى: موضوعات الإدراك الاجتماعى والاتجاهات (مجلة علم النفس الاجتماعى التجريبى).
6- الإكلينيكي: علاج الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية (مجلة البحوث الإكلينيكية التجريبة المتنوعة).
رابعًاـ وفقًا لهدف التجربة:
1ـ استكشافية: تبدأ بمجموعة من الملاحظات التي تثير اهتمام الباحث، فيبدأ بإجراء تجارب للتعرف على الظاهرة والعوامل المؤثرة فيها.
2ـ التحقق : تمثل غالبية التجارب فى مجال علم النفس، وتصمم للتحقق من فرض علمى فى محاولة لتفسير ظاهرة معينة.
3ـ حاسمة: حين تجئ نتائج التجارب متعارضة، ويصبح من الصعب التوفيق بين التفسيرات المتضاربة لنفس الظاهرة. ومثال هذا التجارب عن دافع الجوع.
4ـ منهجية: تهتم بدراسة الأساليب والطرق المستخدمة فى دراسة الظواهر والمقارنة بينها وابتكار أجهزة جديدة لدراسة الظواهر.
ولا بد من التأكيد على أن التصنيفات السابقة متداخلة فقد تكون التجربة الواحدة استطلاعية من حيث الهدف وتجرى على الحيوان من حيث نوع المفحوص وتتعلق بالمجال الفسيولوجي.

المسئوليات الأخلاقية للباحث في إجراء التجارب
يجب على كل باحث يجري تجارب نفسية على الإنسان أو الحيوان أن يدرك أنه يتعامل مع كائنات حية لها حقوقها التي ينبغي أن تُحترم. لكن هذا لا يحدث دائمًا، وتوجد أمثلة لتجارب لم يُلتزم فيها بالجانب الأخلاقي:
تجربة ملجرام Milgram: زعم أنها تجربة للتعلم، سيقوم فيها بعض المشاركين بتعليم قوائم من الكلمات لمتعلمين من خلال توصيلات كهربائية.
وتمثل الهدف الحقيقي للتجربة في التعرف على مدى إطاعة الفرد للسلطة بصرف النظر عن اقتناعه بالعمل الذي يطلب منه.
طلب من المعلمين إعطاء المتعلم الذي يخطئ صدمات تتزايد في درجة شدتها ويستحيل على المتعلمين تحملها. وهذا في ظل سماع المعلمين لصراخ المتعلمين الناتج عن تألمهم من التعرض للصدمات الكهربائية.
ونتيجة لهذا توقف بعض المشاركين عن زيادة شدة الصدمة الكهربائية، ورفضوا إطاعة الأوامر، واستمر آخرون في تنفيذ الأوامر.
وفي حقيقة الأمر، فلم تتضمن التجربة تعريض أشخاص للصدمات الكهربية، وإنما مجرد لتسجيلات صوتية لصرخات.
التجربة عموماً مصحوبة بكثير من الانفعالات والصراع النفسي الذي يتعرض له الفرد بين اقتناعه بخطأ ما يطلب منه وإطاعته للأوامر.

تجربة زمباردو Zimbardo: قام بدراسة الآثار النفسية المترتبة على التعرض لظروف السجن، واختار عدداً من المتطوعين وأخضعهم لظروف مماثلة تماماً لظروف السجن. ولم يتحملوا الاستمرار فى هذه الظروف القاسية، وظهر عليهم الهياج والإحباط والالتهابات الجلدية، مما اضطره للإفراج عنهم وإنهاء التجربة.
تجربة كالفى Clafee: استخدم بعض الجنود المستجدين، حيث أخذوا إلى منطقة منعزلة وأعطوا تعليمات مضللة، ثم أخبروا أنهم تسببوا بتصرفاتهم فى أن تقذف المدفعية وحداتهم التي بها زملائهم، مما تسبب في مقتل الكثير منهم. أصابت هذه المعلومات هؤلاء الجنود بألم كبير وانخرطوا فى البكاء والصراخ، ولم تفلح محاولات تهدئتهم.
وقد وضعت الجمعية النفسية الأمريكية American Psychological Association (APA) مجموعة من المبادئ، تمثل ميثاقاً أخلاقياً ينبغي أن يلتزم به الباحثون:

descriptionعلم النفس التجريبي Emptyرد: علم النفس التجريبي

more_horiz
أولاًـ المبادئ الأخلاقية الخاصة بمشاركة الأشخاص في التجارب:
1ـ الحصول على موافقة صريحة من الفرد باستعداده للمشاركة في التجربة:
يحق للمشارك معرفة طبيعة البحث، وأهدافه، والظروف التي سيتعرض لها، وما تتضمنه من أضرار أو مخاطر.
ولا يتحقق ذلك أحياناً، ويضطر الباحث إلى إخفاء الهدف الحقيقى من التجربة، او يستخدم نوعاً من الخداع Deception للمشارك
ومن صور الخداع:
إعطاء معلومات مضلله عن هدف التجربة ومتغيراتها.
إدخال شخص في التجربة على أنه مشارك بينما يكون عميل للمجرب.
إعطاء معلومات غير صحيحة عن متغيرات التجربة.
أهم ضوابط وقواعد استخدام الخداع:
أهمية مشكلة البحث، وأن يوازن بين الفوائد المتوقعة والمخاطر الناجمة عن الخداع.
استحالة إجراء التجربة بدون إخفاء طبيعتها وأهدافها.
الكشف عن حقيقة التجربة للمشاركين بعد الانتهاء منها مباشرة.
2ـ أن يكون للفرد حرية اتخاذ القرار بالمشاركة في التجربة أو عدم المشاركة فيها، كما يكون له الحق فى ان ينسحب من التجربة فى أى وقت يشاء. وخاصة عندما يكون الباحث في مركز سلطة ونفوذ بالنسبة للمشاركين.
مثل نزلاء السجون، والجنود، والموظفون، والطلاب.....الخ مع من هو في موضع سلطة بالنسبة إليهم.
3- عدم تعريض الأفراد المشاركين لأي آلام جسمية أو نفسية.
مثل الصدمات الكهربائية، والحرمان من النوم والطعام. وإن اضطر الباحث لهذا فلابد من أخذ موافقة صريحة من المشارك، وأن يتخذ الإجراءات المناسبة لتخفيف الآثار السلبية المترتبة على المعالجة التجريبية. أما إذا تعذر إزالة هذه الآثار فيجب عدم إجراء التجربة على الإنسان.
4- حماية حق المشارك في المحافظة على أسراره وخصوصياته التي يمكن أن تظهر من خلال التجربة أو الدراسة.
ثانياً : المبادئ الأخلاقية الخاصة بمشاركة الأطفال فى التجارب :
1ـ احترام حقوق الطفل.
2ـ موافقة الطفل أو ولى أمره.
3ـ تجنب أي الم جسمي أو نفسي.
4ـ المحافظة على خصوصيات الطفل.
ثالثاً : القواعد الأخلاقية لاستخدام الحيوانات فى التجارب :
1ـ أن يكون مدرباً على التعامل مع حيوانات التجارب، وان يشرف بنفسه عن قرب على جميع إجراءات حماية الحيوانات ورعايتها.
2ـ أن يبذل أقصى جهود ممكنة للتقليل من المتاعب والألم.
3ـ مشورة جمعيات رعاية حقوق الحيوان في مدى ملائمة الإجراءات المستخدمة في التجربة.
رابعًاـ قواعد خاصة بأبحاث العقاقير والمواد المخدرة:
تحذر من إجراء الطلاب لهذه التجارب، وأن تترك للباحثين المتمرسين لحماية المشاركين للآثار السلبية الناتجة عن استخدام هذه العقاقير.

أنواع التصميمات التجريبية
يشير مفهوم التصميم التجريبي لأمرين مختلفين، هما:
الأول: ويشمل ترتيب الخطوات اللازمة لإجراء التجربة كوضع الفروض، واختيار العينة، وطريقة جمع البيانات، والأدوات، والإجراءات وغيرها..... وهذا مفهوم غير محدد، يترادف مع مفهوم خطة البحث.
الثاني: ويُقصد به الطريقة التي تُستخدم في توزيع أفراد العينة على مختلف الظروف التجريبية. وهذا المفهوم أكثر تحديدًا، وهو ما سيتم استخدامه فيما يلي.
وتُصنف التصميمات التجريبية إلى نوعين:
1ـ تصميمات تجريبية: وتشمل تصميم داخل الأفراد، وبين الأفراد، والتصميم المختلط0
2ـ تصميمات شبه تجريبية: وتشمل تصميم المجموعة الواحدة، وتصميم المجموعة الضابطة غير المتكافئة ، وتصميمات السلاسل الزمنية.
وتتوقف دقة التصميم ومدى الثقة في نتائجه على الأساليب التي تستخدم في ضبط تأثير المتغيرات العارضة التي يمكن أن تؤثر في نتائج التجربة، وتهدد الصدق الداخلي للدراسة.


التصميمات التجريبية:
هي الأعلى من حيث مستوى  الدقة والضبط، والأكثر تحقيقاً لمقتضيات الصدق الداخلي. ويُطلق عليها التصميمات التجريبية الحقيقية.
مزاياها:
1ـ تضبط المتغيرات الدخيلة المتعلقة بالظروف والخبرات التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد أثناء التجربة، وذلك باستخدام مجموعة ضابطة.
2ـ توفر الضبط للمتغيرات الدخيلة المتعلقة بالفروق بين خصائص الأفراد، وذلك من خلال التوزيع العشوائى للأفراد بين مجموعات البحث، او استخدام المجموعات المتناظرة، أو استخدام نفس الأفراد فى الظروف التجريبية المختلفة.
وفيما يلي عرض لأنواع التصميمات التجريبية:
أولاًـ تصميم داخل الأفراد:
يتم فيه تعريض نفس الأفراد لمختلف الظروف التجريبية. ويسمى بتصميم القياسات المتكررة. وينقسم إلى قسمين، هما:
أ- تصميم بسيط داخل الأفراد  وفيها:
يستخدم متغير مستقل واحد (عامل واحد)، لذلك يسمى بتصميم العامل الواحد، وقد يتضمن هذا المتغير المستقل أكثر من مستويين أو ظرفين تجريبين.
مثال: أثر شدة الضوضاء على السرعة في حل المسائل الحسابية.
المتغير المستقل: الضوضاء ( وجود ضوضاء – عدم وجود)
المتغير التابع: سرعة حل المسائل الحسابية.


الإجراءات: مجموعة واحدة تتعرض لحل المسائل الحسابية في ظل التعرض للظرفين، وتُقاس سرعة الحل.
استخدام اختبار ت للمجموعة المترابطة.
يُسمى تصميم بسيط داخل الأفراد 1×2
مثال: أثر شدة الضوء في سرعة التعرف على الحروف.
يتعرض كل فرد هنا لثلاثة مستويات من شدة الضوء، وتُقاس سرعة تعرف الشخص على الحروف.
يستخدم أسلوب تحليل التباين أحادى الاتجاه.
وفيما يلي عرض للتصميم التجريبي لهاتين الدراستين:

ب ـ تصميم عاملي داخل الأفراد:
يتضمن هذا التصميم وجود متغيرين مستقلين أو أكثر، ولكل متغير مستقل مستويين أو ظرفين تجريبيين أو أكثر. ويطلق على المتغيرات المستقلة عوامل، ولهذا يسمى تصميم عاملي. ويتعرض فيه كل الأفراد لكل الظروف التجريبية.
مزاياه:
1ـ يتفق مع الطبيعة المعقدة للسلوك الإنساني، فلا يتأثر سلوك الفرد في موقف ما بعامل واحد، بل بعدة عوامل.
2ـ لا يقتصر على توضيح التأثير الأساسي للمتغيرات المستقلة ، وإنما يكشف أيضًا عن تأثير التفاعل بين هذه المتغيرات.
3ـ يتطلب عينات أقل عدداً بالمقارنة باستخدام التصميمات البسيطة.
4ـ الاقتصاد في الوقت، والجهد المبذول في التدريب وإعطاء التعليمات، ونفقات إجراء البحث.
مثال: أثر كل من صعوبة المادة وطريقة التدريب على التذكر.
المتغيرات المستقلة: صعوبة المادة ( سهلة – صعبة)، طريقة التدريب ( مكثف – موزع ).
المتغير التابع: كفاءة التذكر ويقاس بعدد الكلمات.
يتعرض كل فرد من أفراد العينة للظروف التجريبية الأربع:
عمل سهل + تدريب مكثف، عمل سهل + تدريب موزع، عمل صعب + تدريب مكثف، عمل صعب + تدريب موزع
يتم قياس درجة الحفظ لكل فرد في الظروف التجريبية الأربع.
استخدام تحليل التباين المتعدد للتحقق من التأثير الأساسي لكل متغير من المتغيرات، وتأثير التفاعل بين مختلف الظروف التجريبية.
وفيما يلي عرض لنماذج لهذا التصميم:

نماذج للتصميم التجريبي:
أثر كل من صعوبة المادة وطريقة التدريب في سرعة حل المشكلات الحسابية.
مثال: أثر كل من مستوى الدافعية، وصعوبة المادة، وطريقة التدريب على سرعة حل المسائل الحسابية.



مميزات تصميم داخل الأفراد:
1ـ يضمن التكافؤ التام بين خصائص الأفراد في مختلف الظروف التجريبية.
2ـ يساعد على التقليل من تباين الخطأ مما يزيد الفرصة لكشف تأثير المتغير التجريبي.
3ـ يحقق الاقتصاد في الوقت والجهد والنفقات لصغر حجم العينات المستخدمة ( من 20 ـ 40 ).
عيوب تصميم داخل الأفراد:
يمثل تأثير الترتيب أهم مشكلة يواجهها هذا النوع من التصميمات، وذلك لتعرض المشاركين فى التجربة للظروف التجريبية واحداً تلو الآخر، ويُحتمل في هذه الحالة أن يختلف أداء الأشخاص في كل ظرف تجريبي نتيجة لاختلاف ترتيب التعرض له. ويظهر تأثير الترتيب فى عدة أشكال، هي:
1ـ الممارسة: يظهر فى صورة زيادة فى مستوى الأداء فى الظروف التجريبية التى تقدم فى الترتيب التالي، نتيجة لاكتساب المشارك لقدر من الخبرة أثناء ممارسته للعمل وبالتالى يتحسن أداؤه.
ويتم ضبط تأثير الممارسة عن طريق إعطاء عدد من المحاولات التدريبية قبل التعرض للظرف التجريبي، بالإضافة إلى تغيير ترتيب التعرض للظروف التجريبية.
2ـ الحساسية: حيث يكتسب المشاركون في التجربة نتيجة لمرورهم بمختلف الظروف التجريبية نوعًا من التبصر بطبيعة التجربة مما يزيد حساسيتهم لإدراك الفروق الدقيقة بين مختلف المعالجات التجريبية. وتأثير الحساسية أكثر عمومية إذ تأخذ الطابع المعرفى الشمولى أكثر من كونها مجرد اكتساب مهارات معينة نتيجة للممارسة.
ويتوصل المشاركون في هذه الحالة إلى توقعات وفروض معينة عن هدف التجربة يمكن أن تؤثر على استجاباتهم للمعالجات التجريبية.
3- التعب والملل : تناقص الأداء في المحاولات الأخيرة، وبخاصة فى الأعمال الصعبة أو التى تستمر لمدة طويلة.
ويمكن التقليل منه بإعطاء فترات كافية للراحة بين كل ظرف تجريبي والآخر، بالإضافة إلى تغيير ترتيب الظروف التجريبية.
4- التأثير الممتد ( تأثير المدى ): يظهر فى حالة استمرار تأثير ظرف تجريبى معين على الفرد، بحيث يمتد تأثيره إلى الظرف التجريبى التالى.
طرق التغلب على تأثير الترتيب:
1ـ الموازنة المتقابلة: تعتمد على تغيير ترتيب تقديم المتغير التجريبى لبعض المشاركين بصورة مختلفة عن ترتيب التقديم للبعض الآخر بحيث يتعادل تأثيره.
لا تستبعد هذه الطريقة التأثير الممتد وإنما توازنه عن طريق توزيعه على مختلف المعالجات التجريبية. ويُنظر إلى الموازنة على أنها أمراً ضرورياً في تصميم داخل الأفراد لضمان الصدق الداخلي للنتائج.
الموازنة من أثر الترتيب أمراً يسيراً في حالة التصميم البسيط داخل الأفراد لمتغير مستقل واحد له ظرفان تجريبيان، حيث يقدم الظرف ” أ ” لنصف العينة أولاً، ويقدم الظرف ” ب ” لنصف العينة أولاً.
وتزداد صعوبة مشكلة الترتيب إذا كان التصميم التجريبي يتضمن أكثر من متغير مستقل لكل منها أكثر من مستوى.
ويتوقف عدد الاحتمالات الممكنة لترتيب تقديم الظروف التجريبية على عدد هذه الظروف.
احتمالات الترتيب =
ك × ( ك -1) × (ك -2) × (ك -3)000(1)
ك عدد الظروف التجريبية أو عدد العوامل مضروباً في عدد مستويات لكل عامل.
تتضاعف عدد احتمالات الترتيب كلما زادت الظروف التجريبية، ويعني هذا وجود عدد كبير جدًا من الاحتمالات، ويتطلب هذا عدد كبير من الأفراد، وهو ما يزيد من النفقات والجهد، لهذا رأى العلماء الاكتفاء بتطبيق أسلوب الموازنة غير الكاملة.  

2ـ الموازنة غير الكاملة: بأن يتم الاكتفاء فقط بتطبيق عدد محدود من الاحتمالات الممكنة لترتيب التقديم ، ومن أشهر الأساليب المتبعة ما يعرف بتصميم المربع اللاتينى وفيها:
يتم استخدام عدد محدود فقط من الاحتمالات الممكنة للترتيب في التجربة.
ويراعى في احتمالات الترتيب عدد من الشروط، بأن يظهر كل ظرف تجريبي نفس العدد من المرات فى كل موضع من مواضع الترتيب فيظهر مثلاً الظرف (أ) مثلاً مرة اولاً ثم ثانياً وثالثاً ورابعاً وهكذا.

ويوضح الشكل التالي تصور للمربع اللاتيني:

يفيد تصميم المربع اللاتيني في ضبط تأثير الممارسة والتعب، وذلك لأن كل ظرف تجريبى يظهر فى كل موضع من مواضع الترتيب نفس العدد من المرات، وبذلك يتوازن تأثير الموضع سواء أكان فى بداية التجربة أم فى نهايتها فيما يتعلق بالممارسة أو التعب.
متى لا يتم استخدام أسلوب الموازنة؟
عند اختلاف تأثير الممارسة باختلاف الترتيب، فإذا تعرض الشخص لعمل صعب أولاً، ثم عمل صعب ثانيًا، فإن الأداء سينحسن بشكل واضح في الظرف الثاني.
إذا كان انتقال التأثير من ظرف تجريبي إلى آخر يتوقف على الترتيب، حيث يكون تأثير المعالجة أكبر فى حالة تقديم عقار معين أولاً عن حالة عدم تقديم العقار أولاً.
الحالات التي تحدث فيها المعالجة التجريبية تغييراً لا يمكن محو آثاره كإجراء جراحة معينة.


ثانيًاـ تصميم بين الأفراد:
يُعد من أكثر التصميمات استخدامًا في الدراسات النفسية، ويقوم على أساس تقسيم العينة إلى عدة مجموعات متكافئة تتعرض كل منها لظرف تجريبي معين.
وللحصول عل نتائج ذات معنى من هذا التصميم ينبغي التحقق من تكافؤ المجموعات حتى يكون من السهل تفسير النتائج، بإرجاع التغير الذي طرأ على المتغير التابع إلى المتغيرات المستقلة وليس لأي متغيرات أخرى.
ويمكن تحقيق التكافؤ بين المجموعات عن طريق العشوائية، ولهذا يُطلق على هذا التصميم تصميم المجموعات العشوائية.
ويظهر مبدأ العشوائية في أكمل صوره عند:
الاختيار العشوائي للعينة من بين أفراد المجتمع.
التوزيع العشوائي لأفراد العينة على مختلف مجموعات البحث.
التوزيع العشوائي للظروف التجريبية على مختلف مجموعات البحث.

وتتمثل أهمية الاختيار العشوائي في إمكانية تعميم نتائج التجربة على المجتمع الذي اختيرت منه العينة عشوائياً ( الصدق الخارجى للدراسة كما سماه كامبل وستانلى ).
ونادراً ما يتحقق الاختيار العشوائي في البحوث النفسية، لكن هذا لا يقلل من أهمية هذه الدراسات وقيمتها العلمية ذلك أنها تهتم بالتوزيع العشوائى للعينة بحيث يتحقق التكافؤ بين المجموعات وبخاصة إذا كان عدد العينة كبيرًا. فإذا تمكن الباحث إلى جانب ذلك ضبط المتغيرات الدخيلة فإن التغيرات التى تظهر فى النتائج يمكن إرجاعها بقدر كبير من الثقة إلى المعالجة التجريبية ( الصدق الداخلى للدراسة كما سماه كامبل وستانلى ).
يمكن استخدام طريقة التناظر لتحقيق التكافؤ بين المجموعات في خاصية معينة، وخاصة إذا كان عدد العينة قليلاً.
ويساعد تحقيق التناظر على استبعاد التأثير الدخيل للفروق بين الأفراد في خاصية معينة في نتائج التجربة، وبذلك يقلل من تباين الخطأ، ويعني هذا إمكانية التحقق من تأثير المتغير التجريبي.
ويواجه استخدام طريقة التناظر بصعوبات في التطبيق، نظرًا للتكلفة المادية الكبيرة، إذا أن تحقيق الضبط لأكثر من خاصية عن طريق التناظر أمر بالغ الصعوبة.

أـ تصميم بسيط بين الأفراد:
يشمل متغير مستقل واحد (عامل واحد)، له مستويين تجريبيين أو أكثر، ولهذا يُطلق عليه تصميم العامل الواحد بين الأفراد.
مثال 1: أثر عدد ساعات النوم في سرعة حل المشكلات.
يتم هنا تقسيم العينة لعدد من المجموعات، تتلقى كل منها ظرف تجريبي عن الذي تتلقاه الأخرى.


مثال 2: أثر وقت عرض الأشكال ( بطئ – متوسط – سريع ) على التذكر.


ب ـ تصميم عاملي بين الأفراد :
يتضمن متغيرين مستقلين أو أكثر لكل متغير مستويين أو أكثر. ومن نماذجه، ما يلي:
1ـ التصميم العاملى بين الأفراد لدراسة عاملين:
يتناول متغيرين مستقلين، لكل منهما مستويين أو أكثر. وقد يكون أحد المتغيرين تجريبياً ( يخضع للمعالجة) مثل التعزيز، والآخر تصنيفى (لا يخضع للمعالجة) مثل الذكاء. وربما يكون المتغيرين معاً يخضعان للمعالجة مثل الضوء والضوضاء.
الإجراءات:
توزيع الأشخاص على المجموعات.
توزيع الظروف التجريبية.
قياس المتغير التابع.
استخدام تحليل التباين المتعدد، للحصول على معلومات عن التأثير الأساسي للمتغيرات، وتأثير التفاعل بين هذه المتغيرات.
مثال 1: تصميم عاملي 2×2: أثر الضوء ( ضعيف – شديد ) والضوضاء ( ضعيف – شديد ) في سرعة الاستجابة.


مثال 2: تصميم عاملي 3× 3 : أثر الضوء ( ضعيف، متوسط، شديد ) والضوضاء ( ضعيف، متوسط،  شديد ) على سرعة الاستجابة.


2ـ تصميم عاملي لدراسة ثلاثة عوامل:
يتناول دراسة تأثير ثلاث متغيرات مستقلة لكل متغير مستويين أو أكثر.
مثال 1: تصميم عاملي 2×2×2: أثر صعوبة العمل (سهل، صعب) والضوضاء ( ضعيف، شديد ) وبيئة العمل ( فردية، جماعية ) على معدل إنتاج العمال.


مثال 2: تصميم عاملي 3×3×3 : أثر صعوبة العمل (سهل، متوسط، صعب ) وشدة الضوضاء ( ضعيف، متوسط، شديد ) ومستوى الدافعية ( مرتفعة، متوسطة، منخفضة ) على الإنتاجية لدى العمال.


3ـ تصميم عاملي لدراسة أربعة عوامل:
مثال: تصميم عاملي 2×2×2×2: أثر صعوبة العمل (سهل، صعب ) وشدة الضوضاء ( ضعيفة، شديدة ) ومستوى الدافعية ( مرتفعة، منخفضة ) وبيئة العمل ( فردية – جماعية ) في معدل إنتاج العمال.

تقويم تصميم بين الأفراد:
المزايا:
1ـ يتغلب على مشكلات تصميم داخل الأفراد ومنها تأثير ترتيب تقديم المعالجات التجريبية كتأثير التعب، والملل، والممارسة، حيث يستخدم مجموعات مستقلة.
2ـ يُعد أنسب التصميمات في الحالات التي تترك فيها المعالجة التجريبية أثرًا في المفحوص لا يمكن تعديله.
3ـ يصبح استخدامه أمرًا ضرورياً عند دراسة المتغيرات التصنيفية كالجنس والعمر والذكاء.
العيوب :
1ـ يتطلب عددًا كبيرًا من الأفراد للمشاركة في التجربة، ويزيد هذا من التكلفة ووقت وجهد إجراء البحث.
2ـ يصعب في كثير من الأحيان القطع بتحقيق التكافؤ التام بين المجموعات في كل الخصائص.
ثالثًاـ التصميم المختلط:
يجمع هذا التصميم بين تصميمي داخل الأفراد، وتصميم بين الأفراد. ويصبح استخدام هذا التصميم ضرورة حتمية إذا كان أحد المتغيرات المستقلة في التجربة من النوع التصنيفي ( الجنس، العمر، الذكاء).
والتصميم المختلط بطبيعته تصميم عاملي، لأنه يشمل متغيرين مستقلين أحدهما تجريبي والآخر تصنيفي، ويمكن أن يستخدم أكثر من متغيرين مستقلين بشرط أن يكون أحدها أو بعضها تصنيفياً.
الإجراءات:
توزيع الأشخاص وفقًا للمتغير التصنيفي على المجموعات (ذكور، وإناث)ـ
تعريض كل مجموعة من المجموعتين لمختلف مستويات المتغير المستقل.
قياس المتغير التابع.
استخدام تحليل التباين متعدد العوامل، للتحقق من التأثير الأساسي لكل متغير مستقل، وتأثير التفاعل بين مختلف المتغيرات.
مثال: أثر نوع المنبه ( سمعى، بصرى ) والجنس ( ذكر، أنثى ) في زمن الرجع.
المتغير التجريبي: نوع المنبه.
المتغير التصنيفي: الجنس.



ثانياً : التصميمات شبه التجريبية:
تُستخدم هذه التصميمات حينما لا يستطيع الباحث ضبط الظروف الخارجية باستخدام مجموعة ضابطة أو تحقيق التكافؤ بين مجموعات البحث.
وهذه التصميمات ليست تصميمات تجريبية بالمعنى الحقيقي، لأنه يفتقد لأهم خصائص التصميمات التجريبية وهو ضبط المتغيرات، ولذلك يُطلق عليها تصميمات شبه تجريبية.
وتُستخدم هذه التصميمات بكثرة في الدراسات الميدانية.
أنواع التصميمات شبه التجريبية:
1ـ تصميم المجموعة الواحدة بقياس قبلي وقياس بعدى:
تُستخدم فيه مجموعة واحدة ويتم إجراء قياس قبلي ثم تقديم المعالجة التجريبية ثم قياس بعدى ومقارنة القياسين.
مثال: أثر برنامج إرشادي على التوافق الدراسي لدى الطلاب

descriptionعلم النفس التجريبي Emptyرد: علم النفس التجريبي

more_horiz
لدراسة المشكلة السابقة يتم تطبيق استبانة على عينة من الطلاب لمعرفة غير المتوافقين دراسيًا منهم، وبعد ذلك يتم استخدام غير المتوافقين كعينة للدراسة، ثم يتعرضون للبرنامج الإرشادي. وفي نهاية الدراسة يتم مقارنة مستوى توافقهم بعد التعرض للبرنامج الإرشادي بمستوى توافقهم قبل التعرض للبرنامج الإرشادي.
عيوبه:
1ـ لا يمكن عزو التغير في القياس البعدي للمتغير التابع إلى المتغير التجريبي فقط، فقد يرجع إلى متغيرات دخيلة مثل: الخبرة، الظروف البيئية، النضج، التعلم نتيجة إعادة الاختبار.
2ـ يفتقر إلى القدرة على ضبط كثير من المتغيرات الدخيلة.
2ـ تصميم المجموعة الضابطة غير المتكافئة:
يختار الباحث مجموعتين، تُستخدم إحداهما كمجموعة تجريبية (تتعرض للظروف التجريبية)، وتترك الأخرى دون معالجة وهي المجموعة الضابطة.
مثال: أثر مشاركة الطلاب فى إدارة الفصل على خفض المشكلات السلوكية لديهم.
إجراءات إعداد التصميم:
اختيار مجموعتين، مثل فصلين دراسيين.
تطبيق استبانة لقياس المشكلات السلوكية لديهم (قياس قبلي).
تقديم المعالجة التجريبية لأحد الفصلين (المجموعة التجريبية).
قياس المشكلات السلوكية بعد تطبيق البرنامج (قياس بعدي).
حساب المتوسطات ودلالة الفروق لمجموعات غير المرتبطة.

عيوبه:
يُصعب التوصل إلى تفسير سببي، بإرجاع الفروق بين القياسين القبلي والبعدي لدى المجموعة التجريبية للمتغير التجريبي.
وجود تأثير دخيل لخصائص الأفراد، نظرًا لأن هذا التصميم لم يحقق التكافؤ بين المجموعتين، عن طريق مبدأ العشوائية، أو بالتناظر بين المجموعات، إذ أنه يقوم على استخدام مجموعات موجودة سلفاً.
تأثير ظاهرة الانحدار الإحصائي ( ميل القيم المتطرفة سواء زيادة أو نقصان إلى الاتجاه نحو المتوسط ).

3- تصميم السلاسل الزمنية:
تتم ملاحظة السلوك المقصود بالدراسة وقياسه على مدد زمنية متساوية، ثم تقدم المعالجة التجريبية، وبعدها تتم ملاحظة السلوك وقياسه عدة مرات على مدد زمنية.
ويُطلق عليه تصميم السلاسل المعترضة لأن المعالجة التجريبية تعترض السلسلة المنتظمة من القياسات وتحدث فيها تغييراً.
مثال: أثر استخدام العقوبة المالية في خفض معدلات تجاوز السرعة.
الإجراءات:
1ـ إجراء عدد من القياسات القبلية على مدد زمنية منتظمة لمعدل مخالفات تجاوز السرعة.
2ـ تطبيق العقوبة المالية.
3ـ إجراء عدد من القياسات البعدية على مدد زمنية منتظمة لمعدل مخالفات تجاوز السرعة.
4ـ مقارنة متوسط عدد المخالفات قبل المعالجة وبعدها.
عيوبه:
1ـ عدم تحقيق ضبط مناسب للمتغيرات التي يمكن أن تؤثر على نتائج التجربة.
2ـ عدم وجود مجموعة ضابطة تعرضت لنفس الظروف الخارجية بحيث يمكن مقارنة نتائج مع التجريبية.
4- تصميم السلاسل الزمنية المتعددة :
يجمع هذا التصميم بين تصميم المجموعة الضابطة غير المتكافئة وتصميم السلاسل الزمنية، حيث يتضمن إجراء سلسلة من القياسات القبلية والبعدية، في ظل وجود مجموعة ضابطة.
مثال: أثر استخدام العقوبة المالية في خفض معدلات تجاوز السرعة.
الإجراءات:
1ـ استخدام منطقتين مختلفتين في مدينة ما، إحداهما مجموعة ضابطة والأخرى تجريبيةـ
2ـ إجراء عدد من القياسات القبلية على مدد زمنية منتظمة لمعدل مخالفات تجاوز السرعة.
3ـ تطبيق العقوبة المالية.
4ـ إجراء عدد من القياسات البعدية على مدد زمنية منتظمة لمعدل مخالفات تجاوز السرعة.
5ـ مقارنة متوسط عدد المخالفات قبل المعالجة وبعدها.

5ـ تصميم السلاسل الزمنية المتكافئة:
يتم فيه تقدم معالجتين بالتناوب، ويتم بعد تقديم كل منهما إجراء قياس أو أكثر على مدد زمنية متساوية.
قياس1 – معالجة أ – قياس2 – معالجة ب – قياس3 – معالجة أ- وهكذا.
مثال: أثر الزيارات الميدانية وعرض الأفلام على التحصيل فى مادة علم النفس.
الإجراءات:
استخدام مجموعة من طلاب علم النفس.
إجراء قياس قبلي لمعدل التحصيل.
تعريضهم لزيارة ميدانية.
إجراء قياس لمعدل التحصيل.
تعريضهم لمشاهدة فيلم تعليمي في علم النفس.
قياس معدل التحصيل.
يجب عند استخدام هذا التصميم تعريض الأشخاص لمختلف الظروف التجريبية بشكل عشوائي، وليس بنظام ثابت.
تسمح جميع تصميمات السلاسل الزمنية باكتشاف مسار التغير في المتغير التابع عبر الزمن.
عيوبه:
يصعب استخدامه إذا كان تأثير المعالجة ممتدًا من ظرف لظرف تجريبي آخر، ومن ثم يتداخل التأثير بين الظرفين، مما يجعل تفسير النتائج صعب.
مراحل إجراء التجربة العلمية
أولاًـ التخطيط أو الإعداد للتجربة العلمية:
التخطيط  هو إعداد تصور كامل للعناصر الأساسية للتجربة، وهى: تحديد المشكلة، وصياغة الفروض، واختيار التصميم التجريبى، والعينات، والأسلوب الإحصائي المستخدم.
فوائد التخطيط في التجارب:
1ـ تحديد المشكلة وصياغتها صياغة علمية دقيقة.
2ـ صياغة فرض علمي يمثل حل مؤقت للمشكلة.
3ـ تجنب الوقوع في أخطاء عند إجراء التجربة.
4ـ تفادى ضياع الوقت والجهد والمال دون عائد حقيقي.
5ـ إمكان عرض الخطة على المتخصصين وتقويمها.

ثانياً: خطوات إجراء التجربة المعملية:
1ـ تحديد عنوان التجربة: وينبغي أن يكون شاملاً ومحددًا.
2ـ مراجعة الدراسات السابقة:
وتتمثل أهميتها في حصول الباحث على معلومات تساعده في صياغة المشكلة، وتحديد إجراءات البحث، والحصول على قائمة بأهم المراجع المتصلة بموضوع البحث.
3ـ تحديد المشكلة:
وتنبع المشكلة العلمية من نقص في المعلومات حول ظاهرة معينة، أو تعارض النتائج فيما يتصل بتفسيرها، أو وجود فجوة في النتائج. ولا بد أن تكون المشكلة قابلة للدراسة.
4ـ تحديد الفروض:
والفرض جملة خبرية تربط بين متغيرين أو أكثر. وهو تفسير مؤقت للعلاقة بين هذه المتغيرات. ويجب أن يكون الفرض قابل للاختبار. ويُصاغ في شكل جملة شرطية إذا ......إذن. أو في شكل جملة تقريرية يوجد علاقة بين كل من.

5ـ تحديد المتغيرات وتعريفها إجرائياً:
يحدد التعريف الإجرائي قيم المتغيرات المستقلة وما تعنيه عمليًا، وطبيعة مقاييس المتغيرات التابعة. وتتمثل أهميته في منع الخلط بين المتغيرات، كما أنه يحدد طبيعة المعالجة التجريبية للباحثين الآخرين إذا ما أرادوا إعادة إجراء التجربة.  
6ـ تحديد المتغيرات الدخيلة وأساليب ضبطها:
ويتم ذلك من خلال مراجعة البحوث السابقة، والإطلاع على الطرق التي استخدمها الباحثون في ضبط المتغيرات الدخيلة. ونظرًا لكثرة المتغيرات الدخيلة، فيُنصح بالبدء بضبط المتغيرات المتصلة بالموقف التجريبي، ثم المتغيرات المتصلة بخصائص العينة.
7ـ اختيار التصميم التجريبي:
يجب على الباحث أن يكون على دراية بمزايا وعيوب كل تصميم تجريبي، وأن يختار التنظيم التجريبي الذي يتناسب مع طبيعة المشكلة التي يهتم بدراستها.
8ـ تحديد العينات ووصفها:
لهذه الخطوة أهمية كبيرة في تحديد مدى الثقة في نتائج البحث وفي مدى تعميمها. ولهذا يجب على الباحث أن يقوم بتحديد المجتمع المستهدف بالدراسة، وحجم العينة، وأنسب طرق اختيارها، ونختلف خصائصها ( العمر، مستوى اقتصادي، بيئة).
9ـ وصف الأجهزة المُستخدمة:
تستخدم الأجهزة لتقديم المعالجات التجريبية، أو لقياس المتغيرات التابعة. ولابد للباحث أن يكون على دراية كاملة بمزايا وعيوب كل أداة يستخدمها، وطرق استخدامها.
10ـ تحديد خطوات إجراء التجربة تفصيليًا:
ويُعنى بها كل الخطوات التي سيقوم بها الباحث بداية من اختيار العينة وانتهاءًا بقياس المتغير التابع، وذلك لتجنب أي خلل يمكن أن يحدث أثناء إجراء التجربة.
11ـ اختيار أنسب الأساليب الإحصائية لتحليل البيانات.
12ـ تحديد مدى حدود تعميم النتائج في ضوء العينة.

ثالثاًـ طريقة كتابة تقرير علمي عن التجربة:
أهداف كتابة التقرير:
1ـ توصيل ما انتهى إليه البحث من نتائج إلى المجتمع للاستفادة منها.
2ـ اكتساب مهارة الكتابة العلمية وقواعدها.
3ـ تغطية كل جوانب التجربة بحيث يتيح لأي باحث آخر تكرارها.
4ـ  إجراء مقارنة بين نتائج مختلف البحوث.
عناصر التقرير:
1ـ العنوان، 2ـ المقدمة، 3ـ المنهج ( التصميم التجريبى، العينة، الأدوات، الإجراءات، أساليب التحليل الإحصائي)، 4ـ النتائج، 5ـ المناقشة، 6ـ الملخص، 7ـ المراجع.  

السيكوفيزيقا
يُقصد بها دراسة العلاقة بين الخصائص الطبيعية للمنبهات وتأثيراتها النفسية، وبذلك فإن المصطلح يجمع بين الجانب الطبيعى الموضوعى المتعلق بخصائص المنبهات والجانب النفسى الذاتى المتعلق بإحساساتنا بهذه المنبهات.
ويختلف القياس السيكوفيزيقي عن القياس النفسي في أن الأول يهتم بتقدير الأبعاد النفسية التي يقابلها منبهات على مقياس فيزيقي متصل، أما القياس النفسي فيختص بقياس الظواهر النفسية التى لا يوجد لها مقابل على مقياس فيزيقي متصل.
ومن أمثلة القياس السيكوفيزيقي زمن الرجع، ومن أمثلة القياس النفسي مقاييس القدرات العقلية.

الموضوعات الأساسية  للسيكوفيزيقا:
تتضمن هذه الموضوعات أربع عمليات أساسية، هي:
1ـ اكتشاف المنبه:
ويتمثل السؤال هنا في الدرجة التي ينبغي أن تصل إليها شدة المنبه حتى يمكن للشخص أن يكتشف وجوده؟ ويتركز الاهتمام هنا على مجرد الإحساس بوجود المنبه.
ومثال هذا التعرض لمنبه صوتي يتفاوت في درجة شدته، وهنا تتفاوت قدرة الأشخاص على سماعه بتفاوت مستوى الشدة.
ويعني هذا وجود نقطة على مقياس شدة المنبه يبدأ عندها الإحساس بوجوده ولا نحس بوجوده قبلها.
وأطلق فخنر على النقطة التي تصل إليها شدة المنبه بحيث تكون كافية للإحساس بوجوده مصطلح العتبة المطلقة، أو عتبة الاكتشاف.

2ـ تحديد طبيعة المنبه:
وتتعلق العملية هنا بالإجابة عن السؤال التالي: ما طبيعة هذا المنبه؟ ويتركز الاهتمام على مقدار المعلومات التي تنقلها إلينا الحواس عن هذا المنبه.
وتختلف عملية تحديد المنبه عن عملية اكتشافه، فالطبيب عندما يسمع صوت من خلال سماعته يكون قد اكتشف وجود صوت ما، أما حين يحاول أن يتعرف على نوع هذا الصوت ومصدره وهل يمثل علامة مرضية أم لا، فإنه يكون بصدد عملية تحديد طبيعة هذا الصوت.
ويعني هذا أن عملية اكتشاف المنبه هي مجرد إحساس به، أما تحديد طبيعته فتعنى إدراكه عقلياً وإعطاءه معنى محدد يميزه عن غيره من المنبهات أو الإدراكات الأخرى.


3ـ تمييز المنبهات:
يتركز الاهتمام هنا على الإجابة عن السؤال التالي: ما المقدار الذي ينبغي أن يصل إليه الفرق بين شدة منبهين حتى يمكن للشخص أن يدرك وجود تغيير أو فرق بينهما؟ فإذا قدمنا للشخص خطين متساويين في الطول فإنه يدرك أنهما متساويان، ولكن عند إطالة أحد الخطين بمقدار قليل فى الطول فإنه قد لا يدرك هذه الزيادة البسيطة ويحكم عليهما بالتساوي، ولكن إذا واصلنا زيادة أحد الخطين فسنصل إلى نقطة يدرك الشخص فيها بوضوح أن أحد الخطين أصبح أطول من الآخر.
ويُطلق على مقدار التغير في المنبه الذي يكفى لإدراك وجود فرق في الشدة بين منبهين، مصطلح العتبة الفارقة أو الفرق الذي نكاد نلاحظه.


4- قياس الإحساس أو تقديره:
ويتركز الاهتمام هنا بكيفية قياس إحساساتنا الذاتية بالمنبهات، بإعطاء أرقام تعبر عن شدة الإحساس.
وإذا كانت العمليات الأربعة السابقة تتعلق بالمنبهات الطبيعية أو المادية ، فإن عملية القياس تركز على استجاباتنا لهذه المنبهات ومحاولة التقدير الكمى لإحساساتنا الذاتية عنها.

طرق قياس الإدراك الحسي للمنبهات
لكل عضو من أعضاء الحس حدودًا دنيا لا يستطيع أن يحس قبلها، وحدودًا عليا لا يمكن أن يحس بعدها. وتوجد فروق نسبية بين الأفراد في مدى الإحساس.
ويقدر بعض العلماء العتبة المطلقة لدى الإنسان السليم الحواس بصورة تقريبية كما يلي:
الإبصار: إمكانية رؤية ضوء شمعة على بعد (30) ميل حوالى (48) كيلو متر .
السمع: إمكانية سماع ساعة عادية على بعد (20) قدم حوالى (6) متر تقريباً.
الذوق: إمكانية ذوق ملعقة صغيرة من السكر مذابة فى جالونين حوالى (9) لتر ماء.
الشم: إمكانية شم نقطة من العطر المركز منتشرة فى شقة مكونة من ثلاث حجرات .
اللمس: إمكانية الإحساس بلمس جناح بعوضة على بعد سنتيمتر واحد تقريبًا.

ويعتمد تحديد العتبة المطلقة أو الفارقة على إجراء عدد كبير من المحاولات تقدم فيها منبهات طبيعية متفاوتة في مقدراها، ويُطلب من المشارك أن يعبر عن إدراكه الحسي لشدة المنبهات. وتكرر هذه المحاولات عدد من المرات، مع ضبط مختلف مصادر أخطاء الملاحظة والقياس.
وفيما يلي عرض لأهم الطرق السيكوفيزيقية المستخدمة في قياس كل من العتبة المطلقة والفارقة.

أولاًـ طريقة الحدود:
هي الطريقة التقليدية التي توصل لها فخنر.
وتتمثل في اختيار مقدار للمنبه يكون أقل من العتبة، فى المنطقة التى لا يحس فيها الفرد بوجود المنبه، ثم زيادته تدريجياً بوحدات صغيرة ثابتة حتى يذكر المفحوص بأنه قد أحس بوجود المنبه، ويستغرق عرض كل منبه وقت قصير حوالى خمس ثواني. ويُشار إلى هذه الطريقة بالتسلسل التصاعدي من الأقل إلى الأكبر.
كما يمكن اختيار نقطة البداية فوق العتبة في المنطقة التي يحس فيها المفحوص دائماً بوجود المنبه، ثم تقليل المنبه تدريجياً بوحدات صغيرة ثابتة إلى أن يذكر المفحوص أنه لم يعد يحس بوجود المنبه، ويشار لهذه الطريقة بالتسلسل التنازلي، من الأكبر إلى الأصغر.
وينبغي أن تكون الوحدات التي يتم بها الزيادة أو النقصان في المنبه الطبيعي صغيرة، بحيث تمثل أقل تغير يمكن ملاحظته. ولذلك تسمى طريقة الحدود بطريقة أقل تغير، حيث قد يؤدى استخدام وحدات كبيرة من المنبه إلى صعوبة التحديد الدقيق للعتبة.

ولا يشترط أن يبدأ الفاحص كل سلسلة عند أعلى نقطة أو أقل نقطة على مقياس شدة المنبه، وإنما يراعى أن تتغير نقطة البداية من سلسلة إلى أخرى حتى لا تتأثر استجابة المفحوص بتكوين أنماط ثابتة ليس لها علاقة بتغير المنبهات.
طرق حساب العتبة الفارقة والمطلقة:
1ـ نسبة فبر: اكتشف فبر وجود علاقة ثابتة تربط بين شدة المنبه ودرجة الإحساس بالتغير فى شدة هذا المنبه، حيث تتغير قيمة العتبة الفارقة بحسب التغير فى قيمة المنبه المعيارى، فالعتبة الفارقة للمنبه الصوتي المعياري الذي شدته 20 ديسبل تختلف عن العتبة الفارقة للمنبه الذي شدته 12 ديسبل. وكلما زادت قيمة المنبه المعيارى زادت قيمة العتبة الفارقة. وأن هذه العلاقة تمثل نسبة ثابتة أي:
العتبة الفارقة / المنبة المعيارى = مقدار ثابت
تعرض هذا القانون لانتقادات شديدة حيث أظهرت التجارب أن النسبة بين العتبة الفارقة ومقدار شدة المنبه المعياري ليست ثابتة عند المستويات المختلفة من شدة المنبه، حيث أنه تتغير في حالتي القيم العليا والدنيا لشدة المنبه، ويصدق ذلك على مختلف أنواع الإحساسات.


2ـ قانون فخنر: يرى أن العتبة الفارقة يمكن استخدامها كوحدة معيارية لقياس مقدار الإحساس، وقد حاول أن يضع قانون يحدد العلاقة بين مقدار المنبة من ناحية ومقدار الإحساس بهذا المنبة من ناحية أخرى.
وحاول تجنب الانتقادات التي وجهت إلى نسبة فبر، حيث لاحظ أن الزيادة فى شدة المنبة لا تقابلها زيادة مماثلة فى مقدار الإحساس بهذا المنبه، فالزيادة فى شدة المنبة تسير بمتوالية هندسية، بينما الزيادة فى مقدار الإحساس تسير بمتوالية عددية وعلى هذا الأساس وضع القانون التالى :
S= K Log I أي ح = ك لو س
حيث ح مقدار الإحساس، ك نسبة ثابتة، لو س لوغارتم الشدة الطبيعية للمنبة .


4ـ قانون ستيفنس: توصل ستيفنس من دراساته العديدة إلى أن قانون فخنر لا يصلح للتعبير عن العلاقة بين مقدار المنبه، ومقدار الإحساس به، وأن هذه العلاقة يمكن التعبير عنها رياضياً كما يلي:
S= K Ib =b(Log I) + Log K
أي ح = ك س م = الأس م ( لو س ) + لو ك
ح مقدار الإحساس بالمنبه، ك نسبة ثابتة، س م  مقدار المنبة مرفوعاً إلى الأس ب  
تتعرض طريقة الحدود لنوعين من الأخطاء:
1ـ أخطاء التعود: استمرار المفحوص فى تكرار الاستجابة المعتادة.
2ـ أخطاء التوقع: وهى عكس أخطاء التعود، حيث يستجيب المفحوص على أساس توقعاته أكثر مما يستجيب على أساس ما يلاحظه فعلاً.
ويظهر تأثير هذين الخطأين بوضوح إذا اعتمدنا في تقدير العتبة على التسلسل التصاعدي وحده، أو التنازلي وحده.
ثانياًـ طريقة المنبهات الثابتة:
تقوم هذه الطريقة على اختيار عدد محدود من المنبهات بحيث يقدم كل منبه عدد كبير من المرات، لذلك أطلق عليها طريقة المنبهات الثابتة، لأن المحاولات تتم فى إطار مجموعة ثابتة من المنبهات، ونظراً لأن تقديم المنبهات لا يتم بحسب الترتيب الصاعد أو النازل وإنما يتم بطريقة عشوائية فقد عرفت باسم طريقة التقديم العشوائي.
وتتميز هذه الطريقة بأنها تختصر عدد المنبهات المقدمة للمفحوص، بحيث تستبعد من التقديم المنبهات التى يكون المفحوص متأكداً بأنها أكبر أو أصغر من عتبة الإحساس، كما أنها تضبط التأثير الدخيل لكل من التعود والتوقع نتيجة لتقديم المنبهات بشكل عشوائي.
وتُقدم المنبهات بطريقة عشوائية لعدد كبير من المرات، ويتم اختيارها من مسافة عدم التأكد. ويُطلب من المفحوص أن يقول ” نعم ” إذا أحس بالمنبه، وأن يقول ” لا“ إذا لم يحس به. وتحسب متوسطات الاستجابة بـ ” نعم ” لكل منبه، وتقع العتبة المطلقة عند النقطة من شدة المنبه التي تصل فيها نسبة الاستيجابة بنعم 50%.
عيوبها: أنها تستغرق وقتًا طويلاً.
ثالثاًـ طريقة التعديل:
وتُستخدم هذه الطريقة في تقدير العتبة المطلقة، ويتم تقدير العتبة المطلقة بحساب متوسط قيمة المنبهات التي يقرر عندها أنه قد بدأ يحس بالمنبه في حالة الزيادة، أو إلى النقطة التى بدأ لا يحس فيها بالمنبه فى حالة النقصان.
ويمكن استخدامها لتحديد العتبة الفارقة بتقديم منبه ثابت (معيارى) بالإضافة إلى المنبهات المتغيرة التى يتحكم المفحوص فى تعديلها حتى يصل إلى النقطة التى يحس فيها بتساوى المنبه للمتغير فى الشدة مع المنبه المعيارى، ويطلق عليها نقطة التساوى الذاتى وهذه النقطة قد تختلف عن نقطة التساوى الحقيقى والتى تكون فيها شدة المنبه المتغير مساوية تماماً لشدة المنبه المعيارى.
مزايا هذه الطريقة:
أهم ما يميز هذه الطريقة أن المفحوص هو الذي يتحكم في تعديل شدة المنبه سواء بالزيادة حتى يصل إلى نقطة الإحساس، أو بالنقصان حتى يصل إلى نقطة عدم الإحساس بالمنبه.
تتطلب وقتًا قليلاً بالمقارنة بالطريقتين السابقتين.
تضبط أخطاء التعود والتوقع بصورة أفضل.
رابعاًـ طريقة اكتشاف الإشارة:
تختلف نظرية اكتشاف الإشارة عن الطرق السيكوفيزيقية التقليدية في أنها استطاعت أن توضح العلاقة بين عملية الإدراك وعملية اتخاذ القرار، حيث يتأثر قرار الفرد بإصدار استجابة معينة بعدة عوامل من أهمها: شدة الإشارة التي يتلقاها، ومدى أهمية النتائج المترتبة على القرار، وتوقعات الفرد فى ضوء خبراته السابقة.
ظهرت نظرية اكتشاف الإشارة كثمرة للتقدم العلمي في مجال الاتصالات وأجهزة الرصد بالرادار، ومن اشهر القائلين بها ” أتكنسون ” وزملاؤه، وقدمت هذه النظرية مجموعة من النماذج المهمة.
وهذه النظرية أكثر استخداماً في مجال الإدراك السمعي لسهولة قياسه، وتعدد فوائده العملية.

وتستند عملية الإدراك في هذه النظرية على أمرين، هما:
1- الحساسية للمنبه: ويُقصد بها أن إدراك المنبه الحسى يتم على ضوء خلفية النشاط العصبى لمراكز المخ فى الجهاز العصبي المركزي.
فإذا تعرض الشخص لمنبهات خارجية شديدة كضجيج آلات المصنع، أو لمنبهات داخلية كصداع أو آلام فى المعدة فهذه المنبهات الشديد تؤثر على النشاط العصبى لمراكز الإحساس في المخ.
ويتسم الجهاز العصبي بأنه في حالة نشاط مستمر، ويعبر هذا النشاط عن ما يسمى بالضوضاء، ويتوقف إحساس الفرد بمنبه ما على درجة الضوضاء التي يتعرض لها النشاط العصبي.
فعندما يجلس شخص فى غرفة هادئة فإنه يسمع بوضوح دقات الساعة التي بجواره، وربما دقات قلبه، هذا بالرغم من ضآلة المنبه الصوتى إلا أنه يقع على خلفية من الهدوء فى النشاط العصبى للمخ تسمح بإدراكه بوضوح. وعلى العكس من ذلك قد تنادى شخص بصوت مرتفع بجوارك ولكنه يشاهد التليفزيون فلا يسمعك ولا يرد عليك.

2- التحيز في الاستجابة ( محكات اتخاذ القرار ):
لعل هذا الجانب هو ما يميز طريقة اكتشاف الإشارة عن الطرق السيكوفيزيقية التقليدية في تحديد العتبة المطلقة، فإذا كانت الطرق التقليدية ترى أن هناك عتبة مطلقة يمكن تحديدها وتنظر إلى أى تحيز فى الاستجابة على أنه نوع من الخطأ ينبغى ضبط مصدره، فان طريقة اكتشاف الإشارة ترفض فكرة العتبة المطلقة وترى عوامل التحيز فى الاستجابة أمور أساسية ينبغى إدخالها فى الاعتبار عند تحديد العتبة.
ويعني هذا أن استجابة الفرد للمنبه الحسي، ليست ترجمة مباشرة لكل من شدة المنبه الحسي، ودرجة حساسية الجهاز العصبي فحسب، وإنما يتوقف قرار الفرد بالاستجابة على أمرين إضافيين،هما:  
توقعات الفرد لوقوع منبه معين.
النتائج المترتبة على القرار الذي يتخذه الفرد بالاستجابة.  

ووفقًا لهذه النظرية، فإن أي موقف يتضمن أربعة أنواع من الاستجابات، هي:
الإشارة موجودة، ويستجيب الملاحظ بأنها موجودة وبذلك يكون قد أصاب.
الإشارة غير موجودة، ويستجيب الملاحظ بان الإشارة موجودة يكون قد أخطأ أو أعطى تحذيراً زائفاً.
الإشارة موجودة، ويستجيب الملاحظ بأنها غير موجودة وبذلك يكون قد أخطأ.
الإشارة غير موجودة، ويستجيب الملاحظ بأنها غير موجودة وهو ما يعبر عنه بالرفض الصحيح.

زمن الرجع
تعريف زمن الرجع: الوقت الفاصل بين بدء ظهور المنبه وبدء الاستجابة. ويُطلق عليه في بعض الأحيان” كمون الاستجابة ”.
ويتوقف طول أو قصر هذا الوقت على عدد كبير من العوامل، منها: شدة المنبه والألفة به، ودرجة حساسية العضو الحسى الذى يقوم بالاستجابة، وصحته وسلامته، وعمر الشخص، وجنسه، وحالته النفسية والعقلية، وصحته العامة، وخبرته وتدريبه، وتعبه، وقلة المنبهات أو كثرتها فى الموقف الطبيعى أو التجريبي الواحد.
أنواع زمن الرجع: يُصنف في ضوء عدد من المحاور، منها:
1ـ وفقًا للحواس المستقبلة للتنبيه: زمن الرجع البصري، واللمسي، والشمي،  والتذوقي.
2ـ وفقًا لأنواع وطبيعة المهمة التي سيؤديها الفرد بسرعة فائقة: زمن الرجع الحسي، والحركي، والعضلي، واللفظي، والعقلي.  
3ـ وفقًا لبساطة أو تعقيد الموقف التجريبي، وبمعنى آخر عدد العلميات العقلية المتطلبة لإصدار الاستجابة. وهنا يمكن التمييز بين عدد من المهام، وما تتضمنه من أزمنة رجع:
مثال تجارب زمن الرجع البسيط:
وجود منبه واحد فقط.
الاستعداد للمنبه
وقت التهيؤ (الفاصل بين بدء صدور إشارة الاستعداد، وبدأ ظهور المنبه).
ظهور المنبه.
استجابة المفحوص (اكتشاف المنبه، ثم الاستجابة الحركية).
زمن الرجع في هذه الحالة هو محصلة لكل من:
زمن الرجع البسيط = زمن اكتشاف المنبه + زمن الاستجابة الحركية.
مثال: تجارب زمن الرجع الاختياري:
وجود أكثر من منبه.
الاستعداد لظهور المنبه.
وقت التهيؤ (الفاصل بين بدء صدور إشارة الاستعداد، وبدأ ظهور المنبه).
ظهور المنبه.
استجابة المفحوص ( اكتشاف المنبه، والتمييز بين الاستجابات، وزمن الحركة).
وزمن الرجع الاختياري في هذه الحالة هو محصلة لكل من:
زمن الرجع الاختياري = زمن اكتشاف المنبه + زمن التعرف أو الإدراك + زمن الاستجابة الحركية.
ويعني هذا أن زمن التعرف ( كعملية عقلية ) = زمن الاكتشاف فى زمن الرجع الاختيارى – زمن الاكتشاف فى زمن الرجع البسيط .

طبيعة أزمنة الرجع:
يُقصد به مجموعة الاستجابات التي يصدرها الكائن الحي عند استثارته أو تنبيهه أو مواجهته لموقف ما. ويتضمن زمن الرجع سلسلة من العمليات بعضها حسي، والآخر عصبي، والآخر نفسي حركي. وسواء أكان زمن الرجع بسيطاً أم مركباً ( اختيارياً أم تميزياً ) فإنه يتضمن مجموعة من العمليات تبدأ بعملية التنبيه التى تؤثر على حاسة من الحواس المستقبلة، مما يؤدي إلى استثارة مجموعة من الخلايا الحسية، تقوم بدورها باستثارة النهايات العصبية للأعصاب الحسية، وهذه بدورها تنقل هذه المعلومات الحسية إلى جذع المخ، حيث التكوين الشبكى الذى يقوم بتحليلها وتنقيتها، ويسمح لنوع محدد من الدفعات العصبية بتوصيل هذه المعلومات العصبية ذات الطبيعة الكهرومغناطيسية إلى مراكز عصبية محددة فى المخ تناظر الحواس.

وتقوم هذه المراكز العصبية المخية بمعالجة هذه المعلومات وإعطائها معنى، والحكم عليها، ثم إعطاء الأوامر التي تحملها الدفعات العصبية داخل الأعصاب الحركية فيقوم الشخص عن طريق أطرافه أو غيرها من أعضاء الجسم بالرد المناسب على التنبيه وهذا الرد ما هو إلا السلوك.
ويتم كل هذا في زمن يتراوح بين ( 180 -250 ) مللى ثانية إذا لم يتدرب على هذا الموقف عدد كبير من المرات ، وقد يتناقص زمن الرجع السمعى او اللمسى البسيط حتى يصل إلى (100) مللى ثانية بحيث يشير ذلك إلى حدود الطاقة البشرية فى زمن الرجع البسيط. أما زمن الرجع المركب الذي تشترك فيه أكثر من حاسة أو أكثر من عملية ، فيكون أطول كثيراً ( أى أبطأ من البسيط ).
العوامل المؤثرة في زمن الرجع:
أولاًـ خصائص وأنواع المنبهات:
1ـ وقت الاستعداد: تمر قبل ظهور المنبه وقت الاستعداد، وهو الذي يُطلب فيه من المفحوص أن ينتبه بشدة، ويستعد لظهور المنبه. ويُوصى بأن يتراوح بين (1.6 : 8 ) ثوانى. ويزداد زمن الرجع في حالة زيادة وقت الاستعداد أو نقصانه عن هذه القيمة.
2ـ نوع المنبهات: يختلف زمن الرجع باختلاف نوعه، فزمن الرجع السمعي،  أسرع من اللمسي، وهذا أسرع من البصري. وتشير نتائج الدراسات إلى أن الفروق في زمن الرجع ترجع إلى الفروق الفردية بين الأشخاص أكثر مما ترجع لنوعية المنبهات.
3ـ شدة المنبه: كلما زادت شدة المنبه، كلما كان تأثيره أكبر، ومن ثم تزداد سرعة زمن الرجع. ولهذه الزيادة حدود فسيولوجية معينة تحكمها إمكانات العمليات المرتبطة بالجهاز العصبى الفرعى وتشمل الوقت الذى تستغرقه استثارة الأعصاب المستقلة وسرعة توصيل النبضات العصبية وانقباض العضلات وغيرها، والتى يقدر لها زمن يتراوح بين (60- 80 ) مللى ثانية بالإضافة إلى الوقت الذى يستغرقه الجهاز العصبى المركزى فى معالجة المدخلات الحسية والذى يقدر بحوالى (50-60) مللى ثانية. ومعنى ذلك أن الحد الأدنى لزمن الرجع لا يمكن أن يقل عن حوالي (100 -150 ) مللى ثانية.
4- إذا كان من طبيعة التنبيه استثارة التوتر العضلي للمفحوص زادت سرعة زمن الرجع، أما إذا كان من طبيعته استثارة الألم لدى المفحوص قلت سرعة زمن الرجع وازداد بطئاً.  

5ـ عدد المنبهات: كلما زاد عدد المنبهات، وعدد بدائل الاستجابة كلما زاد زمن الرجع. إذ يتناقص زمن الرجع وفقاً للوغاريتم عدد البدائل المستخدمة، عُرفت هذه العلاقة بقانون هيك.
6ـ وقت عرض المنبه: كلما كان دوام عرض المنبه عبارة عن زمن يدور حول (50) مللى ثانية ازدادت سرعة زمن الرجع والعكس صحيح إذا قل دوام عرضه عن (30) مللى ثانية أو زاد دوام عرضه عن (55) مللى ثانية .
7ـ بالنسبة للمنبهات البصرية والسمعية، تبين أنه كلما كانت شدة التنبيه على كلتا العينين أو الأذنين واحدة وفى نفس اللحظة كان زمن الرجع أسرع، والعكس صحيح عندما يتم تنبيه عين أو أذن واحدة أو عندما تختلف شدة التنبيه من عين أو أذن إلى أخرى.
8ـ درجة التشابه بين المنبهات: إذا كانت المنبهات شديدة التشابه احتاج الفرد لزمن أطول حتى يستطيع الاختيار والتمييز والتعرف الصحيح على المنبه الذي سيستجيب له ومن ثم يزداد زمن الرجع طولاً وبطئاً والعكس صحيح.
9ـ عدد المحاولات: كلما ازدادت سلاسل المنبهات، ولكما كثر عدد المحاولات المطلوب الاستجابة لها، ازداد عدد الاستجابات الشاذة أو الخاطئة.
ثانياًـ خصائص الاستجابة:
يُقصد بها مختلف الطرق التي يستجيب بها الشخص.
تبين أن النمط الحسي من الاستجابات أكثر بطئاً من النمط العضلي أو الحركي.
تبين أن العضو المسيطر (اليد المسيطرة: اليمنى أو اليسرى، القدم المسيطرة: اليسرى أو اليمنى) أسرع في الاستجابة من العضو غير المسيطر.

descriptionعلم النفس التجريبي Emptyرد: علم النفس التجريبي

more_horiz
ثالثاًـ العوامل الخاصة بالمفحوص نفسه:
1ـ الذكور أسرع وأكثر اتساقاً في زمن الرجع من الإناث وبخاصة في مراحل العمر التي تتراوح بين (4- 10 ) سنوات ، وبين (40-60) سنة.
2ـ يتسم زمن الرجع بالبطء في بداية العمر لدى الجنسين، ثم يزداد سرعة، ثم يزداد تراجعاً وبطئاً وفقاً للأعمار ( 3- 15 ، 16- 30 ، 30- 50 ، 55 فأكثر ).
3ـ الأذكياء أسرع من الأقل ذكاءًا في زمن الرجع، والمتعلمين أسرع من الأميين، والريفيين أسرع من الحضريين.
4- الأشخاص الأكثر تركيزًا للانتباه أسرع من الأقل تركيزًا. ومرتفعي الدافعية أسرع من المنخفضين.
5ـ الخبرة السابقة والألفة والتعلم والتدريب تجعل زمن الرجع أسرع والعكس صحيح. والمنشطات تجعل المتعاطين أسرع، بينما المخدرات تجعلهم أبطأ.


الإدراك
تعريف الإدراك: ويشير الإدراك إلى سلسلة من العمليات المعرفية تبدأ بتحديد مختلف المعلومات الحسية التي يستقبلها النسق العصبي، ثم تنظيم هذه المعلومات، وتنتهي بتفسيرها.
ويتضمن الإدراك عدد من الجوانب، منها: الإدراك البصري، والإدراك السمعي، والإدراك اللمسي، والإدراك الشمي، والإدراك الذوقي، حيث يتنوع الإدراك بتنوع الحواس التي تستقبل الطاقة الفيزيائية المنبعثة من الأشياء التي يتعرض لها الكائن الحي في البيئة المحيطة به.
ويُعد الإدراك النتيجة المترتبة على قيام نسق معالجة المعلومات الإنساني بعدد من الإجراءات المعرفية. ويرتبط مفهوم الإدراك بعدد من الظواهر الإدراكية، يُطلق عليه التأثيرات العامة للاستثارة، وسنعرض لها فيما يلي:
1- التقييد الحسيSensory restriction :
يؤدي عدم تعرض الأشخاص لأنواع الاستثارة المختلفة إلى تدهور في قدرتهم على إصدار السلوك الفعال. وقد تبين هذا مما يطلق عليه تجارب الحرمان الحسي
مثال 1: تعرضت عينة من الطلاب الجامعيين للحرمان الحسي لمدد زمنية متباينة، وذلك عن طريق بقائهم في غرف محصنة ضد انتقال الصوت، وفي ظل ارتدائهم لنظارات تمنع انتقال الضوء، وربط أطرافهم لمنع أي استثارة لمسية.
مثال 2: تعريض عدد من الأشخاص للبقاء في غرف مغمورة تحت الماء، في ظل مناخ شديد البرودة، مع تعمية أعينهم، واستخدامهم لأجهزة تنفس اصطناعي.
كشفت نتائج هذه البحوث عن تعرض الأشخاص لمستوى شديد من الإجهاد العقلي: حيث لم يكن بمقدور أي من هؤلاء الأشخاص، بعد تعرضهم لمثل هذه الإجراءات التجريبية، أن يفكر تفكيراً منطقياً واضحاً، كما كانوا مندهشين باستمرار، ووصلوا إلى مرحلة لم يستطيعوا فيها تبين إن كانوا مستيقظين أم نائمين، وظهر على بعض الأشخاص أعراض الهلاوس السمعية، والبصرية. واستمرت مثل هذه الأعراض لمدة أكثر من يومين من تعرضهم لإجراءات الحرمان الحسي.

2- ثبات الصور الشبكية Stabilized retinal image :
يُجري الشخص سلسلة مستمرة من حركات الرأس والعينين عند تعرضه لمشهد بصري محدد، بهدف تغيير موضع تركيز الإبصار. وحتى إن أمكن تثبيت حركة، وإجبار الشخص على تركيز بصره على هدف صغير، إلا أن العين تتعرض لسلسلة من الاهتزازات الحركية التي لا يعيها الشخص، ولا يستطيع أيضاً السيطرة عليها، وتتم على نحو لاإرادي.
وتتمثل أهمية اهتزازات العين ، وتحركها في أنها تسمح بالحصول على أكثر من صورة للشيء المرأي، مما يسهم في إدراك كافة أبعاد هذا الشيء، ومختلف تفاصيله بدقة عالية.
وقد كشفت نتائج بعض البحوث أن استخدام أجهزة مانعة لحركة العين سرعان ما يؤدي إلى عدم إدراك الشخص لأجزاء من التنبيهات البصرية التي يتعرض لها. وربما يرجع السبب في هذا إلى نوع من الكف العصبي، أو التعب العصبي.

3- التكيف الحسي Sensory adaptation:
يشير هذا المفهوم إلى قدرة أي جهاز حسي على التكيف مع مستويات التنبيهات التي يتعرض لها: حيث ينخفض مستوى الحساسية مع طول بقاء التنبيه. وعلى العكس من ذلك، يزداد مستوى الحساسية لمختلف التنبيهات مع غياب الاستثارة. ويظهر هذا التأثير بوضوح في حالة الجهاز البصري: فعندما يبدأ الشخص على سبيل المثال في الدخول إلى حيز مكاني شديد السطوع، ربما لا يستطيع في البداية أن يرى بوضوح، لكن مستوى الرؤية يزداد وضوحاً بعد مدة من تكيفه مع هذا المستوى من السطوع.

4- التكيف الإدراكي Perceptual adaptation:
يختلف نمط التكيف الإدراكي عن نمط التكيف الحسي من حيث أن التكيف الحسي فسيولوجي المنشأ، ويأخذ مكانه بشكل أساسي داخل عضو الحس، بينما يظهر التكيف الإدراكي في مستوى مركزي من المعالجة، ويتضمن في بعض من جوانبه عمليات التعلم. مثل التكيف لنوع معين من الألم، كما هو الحال في بعض الطقوس الدينية التي تنصب على تعريض الجسد لتنبيهات شديدة، لا يمكن احتمالها في الظروف العادية.
5- الثبات الإدراكي:
يشير هذا المفهوم إلى عدم تغير إدراكنا للأشياء مع تغير المسافة التي تفصل بيننا وبينها. فمن المعروف، أنه كلما بعدت مسافة الشيء كلما صغر حجمه على الشبكية، ومع هذا يستمر إدراكنا له ثابتا دون تغير.
الإدراك البصري
يتضمن الإدراك البصري العديد من الجوانب، مثل إدراك الشكل، وإدراك اللون، وإدراك العمق.
ويتضمن النسق البصري عددا من القنوات التي تنقل المعلومات الخاصة بكل بُعد من أبعاد التنبيه، مثل الحجم ، واللون، والنُقلة، والعمق. وتتوقف فاعلية الإدراك البصري على إحداث التكامل بين هذه المصادر المتعددة للمعلومات لإنتاج تمثيل معرفي واحد لكل شئ يتعرض له الشخص
ويقوم الإدراك البصري على ثلاث عمليات أساسية، هي:
1- اكتشاف الحدود الفاصلة بين مختلف الأشياء الموجودة في حيز مكاني محدد.
2- تمييز الأشياء عن بعضها البعض.
3- تحديد ماهية الشيء.


إدراك العمق
تتمثل إحدى المشكلات التي تواجه عملية الإدراك البصري في تحديد مواقع الأشياء في الحيز البيئي الذي توجد فيه. ولب هذه المشكلة أن التنبيهات البصرية تظهر على جدار شبكية العين في شكل ثنائي البعد، ومن ثم فإنها لا تتماثل مع أبعاد الأشياء كما توجد في البيئة الواقعية.
وتبرز أهمية إدراك العمق من كون التصرف بكفاءة، وإصدار ردود أفعال تتسم بالدقة والسرعة، يقتضي ضرورة معرفة الشخص لموقع الشيء في حيز ثلاثي الأبعاد، وبناء تمثيلات عقلية للأشياء تتطابق مع مثيلتها في البيئة الواقعية.
ويُستخدم مصطلح " إدراك العمق" للإشارة إلى كل من:
1- إدراك المسافة الفاصلة بين موقع المشاهد وبين موقع الشيء الذي يشاهده، وهو ما يشار إليه بمصطلح " المسافة المطلقة ".
2- إدراك المسافة الفاصلة بين شئ وشئ آخر، أو بين مختلف الأجزاء التي تكون شيئاً واحداً، وهو ما يشار إليه بمصطلح " المسافة النسبية ".
ويمكن للنسق البصري إصدار هذين النوعين من الأحكام المتصلة بإدراك العمق باستخدام هاديات العمق. وتُصنف هاديات العمق في ضوء مصدر الرؤية إلى الهاديات أحادية العينين، والهاديات مزدوجة العين، وفيما يلي عرض لهذين النوعين من هاديات العمق:


أولاً: هاديات العمق مزدوجة العين:
تتمثل الفكرة الأساسية وراء هذه الهاديات في وجود مسافة تفصل بين موضع كل عين من العينين في الوجه، مما يسمح بوصول نوعين من المعلومات عن الأشياء المرئية إلى المخ البشري، يستخدمان في إدراك العمق، هما:
1- هادي التفاوت بين العينين: يشير التفاوت بين العينين إلى الفارق النسبي في موضع إحدى قسمات الصورة على شبكيتا كلتا العينين. فعلى الرغم من أن صور الأشياء على الشبكية تُمثل في شكل ثنائي الأبعاد، إلا أن نسق الإبصار الطبيعي يستخدم عينين في رؤية هذه الأشياء، ومن ثم يتضمن هذا النسق وجود صورتين شبكيتين غير متماثلتين، وذلك لوجود مسافة تفصل بين موضعي العينين في الرأس. ويؤدي الجمع بين هاتين الصورتين الشبكيتين إلى إدراك صورة مجسمة للأشياء المرئية. ويمكن إنتاج هذا التأثير تجريبياً باستخدام جهاز العرض المجهري المجسم، وكذلك من خلال العرض المتوالي السريع لصور عديدة لشيء واحد، تختلف عن بعضها من حيث زاوية الرؤية الجانبية.
ولا يعي الشخص وجود فروق في الرؤية التي تقدمها كل عين من العينين، وذلك لأن المخ البشري يدمج المعلومات الواردة من كل عين من العينين بطريقة تخفي هذه الفروق، وبشكل يؤدي إلى إنتاج صورة واحدة، ثلاثية الأبعاد للشيء المرئي، وهو ما يطلق عليه مصطلح التجسيم.
1- هادي التقارب بين العينين: ويقوم هادي التقارب بين العينين على أساس ضرورة وضع الأشياء المرئية في مركز الشبكية لكل عين من العينيين، للحفاظ على الصورة الشبكية حادة الرؤية، ويتحقق هذا عن طريق التحكم في كل من قيمة استدارة عضلات محجر العين، واتجاه هذه الاستدارة (التجويف العظمي الذي تستقر فيه العين، حيث تستدير عضلات كل عين من العينين إلى الداخل في حالة قرب مسافة الشيء المرئي من موقع المشاهد، ويستنتج المخ من هذه الحركات مسافة الشيء بالنسبة للمشاهد. وعندما تركز العين على موقع شئ ما يزداد تواءم عضلات العينين على شكل معين من الاستدارة، يتناسب مع مسافة عرض التنبيه


ثانيًا: هاديات العمق أحادية العين:
تتيح هاديات العمق أحادية العين الحكم على عمق الأشياء ثنائية الأبعاد، باستخدام عين واحدة في المشاهدة. ويُطلق على هذه الهاديات مصطلح هاديات العمق التصويرية لأن الفنانين في عصر النهضة هم أول من اكتشفوها، ووظفوها في رسومهم، لإعطاء انطباعات عن مدى عمق الأشياء المصورة.
ويطلق على هذه الهاديات التصويرية في بعض الأحيان مصطلح هاديات العمق الساكنة، وذلك لأن المعلومات الناتجة عن هذه الهاديات تتاح فقط لمشاهد ساكن يشاهد مناظر ساكنة. وفيما يلي عرض لهذه الهاديات:
1- هادي الحجب: ويقدم هادي الحجب معلومات عن ترتيب الأشياء في العمق، لكنه لا يعطي دليلا على المسافة المطلقة، أو المسافة النسبية. ويُنظر إلى هاد الحجب على أنه أحد من الهاديات التصويرية التي تشير إلى وصف سطح ما يقع على سطح آخر

2- هادي الحجم النسبي : يميل الأشخاص عند تعرضهم لمصفوفات من الأشياء المتماثلة إلى إدراك الأشياء الأصغر حجماً على أنها الأبعد مسافة، حيث يتغير حجم صورة الشيء على الشبكية مع تغير المسافة الفاصلة بين هذا الشيء وبين موقع المشاهد. ويُعد الحجم النسبي بمثابة هاد فعَّال لإدراك العمق في حالة غياب المعلومات الناتجة عن هاديات العمق الأخرى، وتتوقف فاعليته على مدى دراية الشخص بالحجم المألوف لهذا الشيء.
3- هادي الموقع في سطح الصورة: يميل الأشخاص إلى إدراك الأشياء التي تقع أعلى المحور الأفقي على أنها الأبعد مسافة.
4- هادي بنية سطح النسيج: تتسم معظم الأسطح بوجود نسيج له بنية خاصة، ولأن هذه الأسطح لا تتعامد على خط الأبصار لدى الشخص في كثير من الأحيان، فإن كثافة سطح النسيج تتباين مع تباين المسافات، ويقدم هذا التباين معلومات عن عمق الأشياء، حيث تتجه مكونات السطح إلى أن تصبح أصغر كلما بعدت مسافتها.
5- هادي منظور الرؤية: يشير مصطلح المنظور إلى التغيرات في طريقة ظهور الأسطح، أو الأشياء مع تراجعها عبر المسافات بعيداً عن المشاهد. وينقسم هذا الهادي إلى كل من: أ- المنظور الخطي: تصبح الخطوط المتوازية (مثل قضبان القطارات) أقرب إلى بعضها البعض كلما زاد امتدادها عبر المسافة. ب- المنظور الهوائي: تبدو الأشياء البعيدة جداً مختلفة إلى حد ما من حيث لونها، ودرجة نصوعها، ودرجة وضوحها بالمقارنة بالأشياء القريبة. وذلك نتيجة لتأثير الشوائب الجوية التي تعوق انتقال الأشعة الضوئية الصادرة عن هذه الأشياء مع زيادة مسافة بعدها، ولهذا يدركها الشخص على أنها أبعد مسافة.
5- هادي التظليل: يُستخدم التباين في مستويات الضوء والظلال لإعطاء انطباع بكون الشيء المرئي ثلاثي الأبعاد.
7- هادي النُقلة ( الحركة) : يُلاحظ أن هاديات العمق السابقة تركز على شخص ساكن، يشاهد منظرا لا يتغير. ورغم أهمية هذه الهاديات في إدراك العمق، إلا أن مشاهد الحياة الواقعية تحفل بالعديد من الأشياء المتنقلة. ولا تظهر النُقلة في المصفوفة البصرية بسبب تنقل الأشياء الموجودة في البيئة الخارجية فقط، بل تظهر أيضا نتيجة لنُقلة الشخص، منتجة ما يعرف بالتدفق البصري.
وعندما تتنقل الأشياء في البيئة المحيطة بنا، فإن صور هذه الأشياء هي الأخرى تتنقل على الشبكية. وحتى لو كان العالم من حولنا ساكنا فإن تنقل كل من الرأس والعينين يُنتج نُقلاً مستمرة لصور الأشياء على الشبكية. ومن ثم تظهر النُقلة نتيجة للتغيرات في مواقع الأشياء عبر الوقت. لهذا يقتضي إدراك النقلة تعريف الشيء المرئي، ثم تحديد الموقع الذي يوجد فيه، ثم تحديد التغيرات التي تطرأ على موقع الشيء من لحظة إلى أخرى.
الذاكرة
تعريفها: ” هي تلك المنظومة التي تحدث من خلالها عمليات ترميز وتخزين واسترجاع المعلومات.
وتشترك تعريفات الذاكرة، رغم تعددها، في التأكيد على الجوانب التالية:
توصف الذاكرة بأنها نشاط عقلي معرفي.
تضم الذاكرة عدد من المستويات (مباشرة، قصيرة، طويلة).
تتضمن الذاكرة عدد من عمليات المعالجة (الترميز، التخزين، الاسترجاع).
تتحدد دقة التذكر في ضوء مدى التطابق بين كل من المعلومات المسترجعة والصورة الأصلية لهذه المعلومات عند تخزينها.

عمليات الذاكرة:
ينهض نموذج معالجة المعلومات بثلاث عمليات أساسية فيما يتصل بالتذكر، هي:
أـ عملية الترميز:
يشير الترميز إلى " عملية تحويل المدخلات الحسية إلى رموز أو صور يسهل الاحتفاظ بها في الذاكرة." ويتم ترميز المدخلات الحسية على شكل نبضات عصبية كهرومغناطيسية لكي تنتقل عبر الألياف العصبية إلى مختلف مناطق القشرة المخية، وتستقبل من جهاز الذاكرة فيه، وتمثل هذه الرموز المصادر الحسية للمنبهات تمثيلاً دقيقًا. وتوجد أكثر من صورة للترميز.

الترميز البصري: ويتضمن تمثيل الخصائص البصرية للمنبهات في شكل صور، مثل الشكل، واللون، والحجم، والموقع.
الترميز السمعي: ويتضمن تمثيل الخصائص الصوتية للمنبهات في شكل أصداء صوتية، مثل التردد، والشدة، والنغمة.
الترميز اللمسي: ويتضمن تمثيل الخصائص اللمسية المميزة للمنبهات، مثل الخشونة، والنعومة.
الترميز الدلالي: ويتضمن تمثيل الكلمات في ضوء ما تدل عليه من معان.
الترميز الحركي: ويتضمن تمثيل الأفعال الحركية من حيث طبيعتها، وتسلسلها، وكيفيـة تنفيذهــا.

ب ـ عملية التخــزين:
يشير التخزين إلى " عملية الاحتفاظ بالمعلومات التي تم ترميزها في الذاكرة، بصورة منظمة تيسر عملية استرجاعها عند الحاجة إليها."
وتتأثر عملية التخزين بمدى تهيؤ الشخص واستعداده، وبالمجهود الذي يبذله في حفظ المادة التي يتعرض لها، وبكون المادة واضحة، وسهلة، ومفهومة، وبمعنى أدق ذات معنى.
ج ـ الاسترجاع:
تشير عملية الاسترجاع إلى " قدرة الشخص على استعادة المعلومات التي سبق له أن قام بترميزها، وتخزينها، على نحو يتطابق مع الشكل الأصلي لهذه المعلومات."

طرق قياس التذكر:
1- الاستدعاء: ويُطلب فيه من الشخص استعادة أكبر قدر من المعلومات التي سبق له تعلمها.
ويتم تقدير الدرجة على أساس إعطاء درجة واحدة عن كل بند صحيح يتذكره الشخص. ونسبة الاستدعاء تساوي عدد البنود التي أمكن للشخص تذكرها على عدد البنود التي تم تعلمها في مائة.
2- التعرف: يشير إلى قدرة الشخص على تمييز المنبهات التي سبق له تعلمها حينما تعرض عليه ضمن مجموعة من المنبهات.
3- إعادة التعلم والتوفير: وتعتمد هذه الطريقة على تدريب الشخص لعمل ما حتى يصل لمرحلة الإتقان المطلوب، وبعد فترة زمنية يُطلب منه أن يعيد تعلم هذا العمل حتى يصل لمرحلة الإتقان السابق. ويُنظر إلى النقص في وقت التعلم أو عدد المحاولات في المرة الثانية على أنه دليل على مقدار ما تم الاحتفاظ به من معلومات.
أنظمة الذاكرة:
يتم التمييز بين أنظمة الذاكرة في ضوء المحكات التالية:
السعة: وتتمثل في كمية المعلومات التي يستطيع النظام الاحتفاظ بها في لحظة من اللحظات.
شكل التمثيلات: ويشير إلى طبيعة التحويلات التي تجري على المعلومات لتيسير عملية الاحتفاظ بها.
مستوى التنشيط: ويشير إلى مدة الاحتفاظ بالمعلومات قيد المعالجة.
أسباب النسيان: وتشير إلى الأسباب المسئولة عن فقدان المعلومات.
أولاًـ الذاكرة الحسية:
تُعرف الذاكرة الحسية " باسم المخزن الحسي أو المسجل الحسي وتختص بنقل المعلومات في صيغـة خام غير معالجة نسبيًا لفتـرة قصيرة جدٍا من الزمن بعد اختفاء الصورة التي يكـون عليها المثيـر". وتستقبل هذه الذاكرة كمية كبيرة وغير محدودة من المدخلات الحسية، وتمتاز بالسرعة الكبيرة في نقل هذه المدخلات، إلا أن وقت احتفاظها بهذه المدخلات لا يزيد عن نصف ثانية.
أسباب عدم الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة الحسية:
عدم القدرة على الانتباه لجميع المدخلات الحسية.
تجاهل الشخص للعديد من المدخلات الحسية لاعتقاده في عدم أهميتها.
غموض بعض المدخلات الحسية، مما يعجل بتلاشيها دون استخلاص أي معنى منها.
تعد هذه الذاكرة بمثابة محطة لنقل المدخلات الحسية إلى مراحل أخرى من المعالجة.
وتوجد عدة أنواع للذاكرة الحسية، مثل الذاكرة الحسية البصرية، والسمعية، واللمسية، والتذوقية، والحركية.

الذاكرة قصيرة المدى:
تُعد هذه الذاكرة بمثابة المحطة الثانية للاحتفاظ بالمدخلات الحسية التي تم استقبالها من الذاكرة الحسية. وتستقبل المعلومات التي يتم الانتباه إليها فقط. وتشكل مستودعًا مؤقتًا للتخزين، يتم فيه الاحتفاظ بالمعلومات لوقت قصير جدًا لا يتجاوز نصف دقيقة. ويتم في هذه الذاكرة معالجة المدخلات الحسية بشكل يتيح استخلاص بعض المعاني. ولا تزيد الطاقة الاستيعابية لهذه الذاكرة عن ما يقرب من سبعة وحدات.
الذاكرة طويلة المدى:
تشكل هذه الذاكرة المستودع الثالث في نظام معالجة المعلومات، وتستقر فيها المعلومات بصورتها النهائية بعد معالجتها وترميزها في الذاكرة قصيرة المدى، وتمتاز هذه الذاكرة بسعتها الهائلة على التخزين بعد تكرارها للمعلومات مرات عديدة، ولا تكون آثار هذه الذاكرة فعالة إلا إذا تدعمت وفقًا لقوانين التعلم، وتبقى الخبرات المخزنة فترة أطول قد تمتد إلى سنوات أو إلى آخر العمر وهي أكثر ميلاً لمقاومة الانطفاء.

أنواع الذاكرة طويلة المدى:
ذاكرة المعاني: وتخزن فيها شبكات من المعاني التي ترتبط بالأفكار، والحقائق، والمفاهيم، والعلاقات. وقد تكون هذه المعاني في شكل فروض، أو صور ذهنية، أو مخططات مجردة.
ذاكرة الأحداث: وتُخزن فيها جميع المعلومات المرتبطة بمختلف الخبرات الشخصية التي مر بها الشخص خلال حياته. وتُسمى هذه الذاكرة بالذاكرة التسلسلية، لأن الأحداث تُرتب فيها ترتيبًا زمنيًا من الأقدم إلى الأحدث.
الذاكرة الإجرائية: وتختص بتخزين المعرفة المرتبطة بكيفية تنفيذ الإجراءات والقيام بعمل ما، كالسباحة أو قيادة السيارة أو استخدام آلة معينة .
نموذج كريك ولوكهارت لمستوى معالجة المعلومات:
يركز هذا النموذج على مستوى معالجة المعلومات. ويتضمن التمييز بين نوعين من المعالجات، هما:
1- معالجة المعلومات من النوع الأول: وهي عبارة عن تدوير المعلومات عند مستوى معين للإبقاء عليها في الوعي لفترة معينة، عن طريق تكرارها. ويمكن أن تتعرض المعلومات للفقد في هذا المستوى بمجرد أن يتحول الانتباه عنها.
2-معالجة المعلومات من النوع الثاني: ويتضمن هذا النوع معالجة تفصيلية للمعلومات ، تقوم على التحليل الدلالي للمعلومات ، مما يساعد على تثبيتها في الذاكرة طويلة المدى.
الاستراتيجيات المساعدة على التذكر:
تشير استراتيجيات التذكر إلى " الأساليب أو الطرق التي يمكن استخدامها في تقوية وتعزيز عملية الاختزان أو الاستدعاء للمعلومات الموجودة في الذاكرة. "
ويتضمن هذا التعريف جانبين من جوانب عمليات الذاكرة هما :
حفظ وتخزين المعلومات .
تذكر واستدعاء المعلومات المخزنة .
وتسهم استراتيجيات التذكر في تحقيق هدفين، هما:
زيادة وعي الفرد بعمليات الذاكرة، ويترتب على هذا زيادة احتمالات النجاح في تطبيق استراتجيات التذكر، وتنشيط المعلومات المخزنة بالذاكرة بشكل آلي، وجعل مستوى الأداء أكثر فاعلية.
زيادة وعي الفرد بنواحي القوة والضعف في قدرات ذاكرته.

أولاًـ إستراتيجية التسميع الذاتي:
ويُقصد بها ” التسميع العلني أو الصريح للمعلومات المراد الاحتفاظ بها. " ويساعد هذا التسميع على تنظيم المادة المتعلمة، ويجعلها أكثر وضوحًا، ويضفي عليها معنى، الأمر الذي ييسر من عملية استرجاعها عند الحاجة إليها. وهذه الإستراتيجية سهلة التعلم وقابلة للتطبيق على مدى واسع من الأشخاص، فعلى سبيل المثال يسهل استخدامها مع التلاميذ العاديين وكذلك المتأخرين دراسيا، وأيضًا ذوي صعوبات التعلم. ويوجد في نظام الذاكرة اثنتان من عمليات التسميع هما :
عملية تسميع في الذاكرة قصيرة المدى: ويُلجأ إليها عندما يكون الهدف هو الاستخدام الفوري أو الآني للمعلومات.
عملية تسميع في الذاكرة طويلة المدى: ويُلجأ إليها عندما يكون الهدف هو الاحتفاظ بالمعلومات لمدة طويلة، لذلك يعيد الشخص ترديد المعلومات، وربطها ببعض الأشياء المألوفة بالنسبة له كي تساعده على تذكرها بسهولة فيما بعد.

ثانيًاـ إستراتيجية التنظيم أو التحزيم:
تشير هذه الإستراتيجية إلى " عملية تجميع أو تصنيف العناصر المتشابهة وفق تنظيم معين، يتمثل في تحديد نمط من العلاقات بين وحدات المعرفة المراد الاحتفاظ بها." فعلى سبيل المثال يمكن القول أن " الأسد، والضبع، والفهد، والأبل، الخراف، والأبقار" حيوانات، لكن " الأسد، والضبع، والفهد" حيوانات مفترسة، أما الأبل، والخراف، والأبقار" فإنها حيوانات.......
وتتمثل طرق التنظيم في كل من:
استراتيجيات تنظيم مهام التعلم البسيطة: تُستخدم لتحويل المعلومات إلى صيغة أخرى أسهل فهمًا، كأن يستخدم المتعلم نظامًا أو أساسًا معينًا لتنظيم العناصر أو المعلومات غير المرتبة.
استراتيجيات تنظيم مهام التعلم المعقدة: وتتضمن تكوين خريطة معرفية للمعلومات توضح العلاقات فيما بينها، أو عمل تنظيم هرمي، أي تحديد النقطة الأساسية والنقاط التي تتفرع منها، أو رسم يوضح العلاقة السببية بين عدة متغيرات.

وتتوقف كفاءة عملية التنظيم على العوامل التالية:
قابلية المادة للتنظيم أو التصنيف أو الربط بين مكوناتها.
مدى ألفة الشخص بالمادة.
كيفية عرض المادة موضوع الحفظ والتذكر أو تنظيمها.
النشاط الذاتي الذي يبذله الفرد في حفظها وتجهيــزها واسترجاعــها.
الخطوات الإجرائية لتطبيق إستراتيجية التنظيم :
إدراك الشخص لوجود علاقات بين مكونات المادة التي يتعلمها.
محاولة الشخص التوصل إلى المبدأ الذي يمكن في ضوئه تصنيف هذه المادة.
تكرار الشخص للعناصر المتضمنة في كل فئة مما يؤدي إلى حفظ القائمة كلها .

ثالثًاـ إستراتيجية التصور أو التخيل:
ويقصد بها: " إنتاج صور عقلية مبتكرة ترتبط بالمادة المقروءة، مما يؤدي إلى تحسن في عملية تذكر هذه المادة. " ويشير مفهوم التصور الذهني إلى حدوث تمثيل عقلي أو صورة ذهنية للشيء الذي سبق للمرء أن تعرض له، ولا يكون له وجود فعلي لحظة تصوره.
وتظهر أهمية هذه الإستراتيجية من أن الكلمات العيانية ذات الكيان الملموس يسهل تصورها مثل كلمتي (حصان أو شجرة )، ويكون تعلمها أسهل من تعلم الكلمات المجردة التي ليس لها ترميزات حسية ملموسة، مثل كلمتي (حقيقة، حرية)، وهذا نظرًا لأن الكلمات المحسوسة يتم تذكرها من وجهتين ككلمات أولا، ثم كصور ذهنية ثانيًا، بينما تمثل الكلمات المجردة لفظيًا فقط.

descriptionعلم النفس التجريبي Emptyرد: علم النفس التجريبي

more_horiz
التحميل

علم النفس التجريبي.pptx - 361 KB
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد