الوسواس القهري وليد سرحان

الوسواس القهري وليد سرحان

سلوكيات 7
الوسواس القهري

الدكتور وليد سرحان
مستشار الطب النفسي
تمهيد
ضمن سلسلة سلوكيات التي عكفت على كتابتها في مواضع مختلفة من باب نشر الوعي النفسي، سوف أخصص هذا الكتاب لإضطراب الوسواس القهري، وهذا الإضطراب يسبب معاناة كبيرة للمصابين به ومن حولهم أحياناً، وعادة ما يظن المصاب بهذا الإضطراب أنه قد يكون الوحيد في العالم الذي يعاني منه، أو يظن بأن هذه أفكار جنونية لا يكمن أن يصرح بها لأحد، وخصوصاً لطبيب نفسي لأنه أسرع من يكتشف أنه مجنون، حتى أن بعض المختصين ذهبوا إلى حد تسمية هذا الإضطراب بجنون العقلاء، لأنه بالرغم من غرابة وسخافة بعض أعراض الوسواس القهري إلا أن المريض يعلم ويدرك ذلك، وهو يرفض هذه الأفكار والأفعال ولكنها تقهره وتسيطر عليه، من هذا المنطلق فقد وجدت خلال ممارستي للطب النفسي في السنوات الماضية، أن هذه الفئة من المرض بحاجة للدعم والتوعية مع العلاج، ومن أفضل وسائل وعي المريض لمرضه وفهمه للأساليب الصحيحة في التعامل معه، أن يتوفر بين يديه كتاب علمي مبسط يجيب على التساؤلات، ويؤكد على دور المريض في العلاج، ويحدد للمريض ماذا يتوقع من طبيبة المعالج ومن دوائه؟، والفائدة أن يكون هذا الكتاب علمياً دقيقاً وسلساً في القراءة ومفيداً للمريض أو أسرته وأصدقائه، ولا بأس أن يعطي بعض الفائدة للدارسين في العلوم النفسية.
وليد سرحان
عمان 2008

التحميل
https://www.file-upload.com/zi3ir3l9ry67
او

http://infopade.com/6LJf

الفهرس
الموضوع رقم الصفحة
1- ما هو الوسواس القهري.............................
2- تاريخ الوسواس القهري...........................
3- الوسواس من منظور أسلامي.......................
4- إنتشار إضطراب الوسواس القهري.................
5- أسباب إضطراب الوسواس القهري..................
6- أعراض إضطراب الوسواس القهري...................
7- تشخيص الإضطراب الوسواس القهري.................
8- التشخيص التفريقي لإضطراب الوسواس القهري........
9- مقياس تشخيص إضطراب الوسواس القهري............
10- أخطاء شائعة حول الوسواس القهري.................
11- إضطراب الوسواس القهري في الأطفال والمراهقين......
12- علاج إضطراب الوسواس القهري....................
مسار و مآل إضطراب الوسواس القهري.............

عدل سابقا من قبل health psychologist في الإثنين يوليو 13, 2020 7:26 am عدل 1 مرات

13. مسار ومآل إضطراب الوسواس القهري
يأخذ إضطراب الوسواس القهري مسار طويل من حيث المدة الزمنية، خصوصاً أن معظم المرضى لا يفصحوا عن مرضهم إلا بعد سنوات، وإذا أفصحوا عنه فليس بالضرورة للطبيب النفسي، بل قد يكون لأحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو رجال الدين، أو المشعوذين والدجالين، وأحياناً لأطباء غير نفسيين.
يكون مسار المرض تدريجي وقد يبدأ في الطفولة أو المراهقة، ويأخذ المسار التدريجي وتزداد حدة وتنوع الأعراض مع الوقت، ويكون المسار لدى فئة من المرضى فيه تقلب بحيث يزداد لفترات ويخف في الشدة والحدة لفترات أخرى.
ولاشك أن هذا المسار يؤثر على مدى التحسن في المرض ومآله، فالتأخر بالعلاج وعدم المقاومة والإستسلام، وعدم التعاون ووجود أعراض شديدة تعطل حياة المريض تجعل من مآل المرض أسوأ من الحالات التي تعالج بسرعة وكفاءة وتعاون، ويكون فيها تعاون ومقاومه من جانب المريض، وتوازن في شخصيته، والحالات المفاجئة من الوسواس غالباً ما تتحسن بسرعة أكثر من الحالات المتدرجة المزمنة.
ومع تطور العلاجات الدوائية والنفسية فإن نسبة من المرضى تزول أعراضهم تماماً، وآخرون يظهروا تحسناً ملحوظاً ويستطيعوا متابعة حياتهم، وهناك فئة من المرضى الذين يوفقوا العلاج كلما شعروا بتحسن وتعود لهم الأعراض، وقلة من المرضى الذين يستعصي علاجهم، وقد يتطلب وصول المستشفى للعلاج المكثف من الناحية السلوكية والمعرفية والدوائية.

التحميل
http://raboninco.com/15r8c

تمهيد
ضمن سلسلة سلوكيات التي عكفت على كتابتها في مواضع مختلفة من باب نشر الوعي النفسي، سوف أخصص هذا الكتاب لإضطراب الوسواس القهري، وهذا الإضطراب يسبب معاناة كبيرة للمصابين به ومن حولهم أحياناً، وعادة ما يظن المصاب بهذا الإضطراب أنه قد يكون الوحيد في العالم الذي يعاني منه، أو يظن بأن هذه أفكار جنونية لا يكمن أن يصرح بها لأحد، وخصوصاً لطبيب نفسي لأنه أسرع من يكتشف أنه مجنون، حتى أن بعض المختصين ذهبوا إلى حد تسمية هذا الإضطراب بجنون العقلاء، لأنه بالرغم من غرابة وسخافة بعض أعراض الوسواس القهري إلا أن المريض يعلم ويدرك ذلك، وهو يرفض هذه الأفكار والأفعال ولكنها تقهره وتسيطر عليه، من هذا المنطلق فقد وجدت خلال ممارستي للطب النفسي في السنوات الماضية، أن هذه الفئة من المرض بحاجة للدعم والتوعية مع العلاج، ومن أفضل وسائل وعي المريض لمرضه وفهمه للأساليب الصحيحة في التعامل معه، أن يتوفر بين يديه كتاب علمي مبسط يجيب على التساؤلات، ويؤكد على دور المريض في العلاج، ويحدد للمريض ماذا يتوقع من طبيبة المعالج ومن دوائه؟، والفائدة أن يكون هذا الكتاب علمياً دقيقاً وسلساً في القراءة ومفيداً للمريض أو أسرته وأصدقائه، ولا بأس أن يعطي بعض الفائدة للدارسين في العلوم النفسية.
وليد سرحان
عمان 2008

. ما هو الوسواس القهري
إن الأفكار الوسواسه والأفعال القهرية موجودة معنا جميعاً بدرجات متفاوتة في حياتنا اليومية: فمن منا لم يعود للتأكد من إغلاق الباب أو إطفاء النور، وعلى الأغلب أننا عند إستلام أو تسليم مبلغ كبير من المال سنكرر ونتأكد من العد، وقد نطلب من أحد أن يساعدنا في التأكد من أن العدد أو القيمة صحيحة، قد نتردد في إستعمال ملعقة وقعت على الأرض خوفاً من تلوثها مع أن هذا إحتمال ضئيل، ومن منا لا يسرح بتفكيره أحياناً في الكون والخلق والخالق، ونعلم أننا لا نملك الإجابات فنعود أدراجنا، وهذه الأفكار أو الأفعال هي جزء من الجهد الذي يبذله العقل في السيطرة على الطريقة التي تسير فيها حياتنا. ولا تتحول هذه الأفكار إلى مرض وتسمى بإضطراب الوسواس القهري إلا عندما تصبح قوية وشديدة ومتكررة وعديدة بحيث تؤثر على حياة الفرد وصحته النفسية وتوازنها.
وقد سمي الوسواس القهري بإسم الوسواس القهري العصابي لعدة عقود، والآن يسمى إضطراب الوسواس القهري ويعتبر أحد أنواع القلق النفسي. إذ أن القلق هو محور هذا الإضطراب، فالأفعال والأفكار هي التي تزيد أو تخفف من درجة القلق، ومع أن هؤلاء المرضى قد تكون أفكارهم وأفعالهم غريبة ولكنهم لا يفقدوا إتصالهم بالواقع ويعرفوا أن هذه الأفكار غير منطقية وخطأ.
ويعَّرف الوسواس بأنه أفكار وخواطر ودوافع أو صور ملِّحة لم يخترعها المريض ولا تلقاها من الخارج بل هي موجودة في تفكيره وتجعله منزعج منها ويحاول رفضها أو مقاومتها وإهمالها ولكنها تعاوده من جديد.
وأما الأفعال القهرية فهي سلوكيات تبدو هادفة ولكنها متكررة حسب قواعد أو نمط معين، وهذا الفعل هو ليس بالضرورة نهاية المطاف، ولكنه قد يتوقع منه أن يؤدي أو يمنع أحداث ومواقف في المستقبل، وهذا النشاط غير مرتبط منطقياً بما يهدف إليه من منع أمر معين أو الوصول لشيء محدد، وقد يكون فيه زيادة كمية مثل غسل اليدين الذي يطول ويتكرر بما يتعدى الهدف وهو النظافة، والقيام بالأفعال القهرية يترافق مع الرغبة في مقاومة هذه الأفعال على الأقل بداية، ويدرك المريض أن هذا سلوك سخيف ولا داعي له، ولا يحصل على متعه من عمله، بل إن قيامه بالعمل يخفف من القلق والخوف والتوتر مؤقتاً وغالباً ما يفهم الناس تكرار بعض الأفعال أو وجود بعض الأفكار ولكن من لم يعاني من هذا الإضطراب أو شاهده عن قرب أو كان خبيراً به، قد يجد صعوبة في فهم معاناة المرضى المصابين بهذا الإضطراب.
وبين السمات الوسواسيه البسيطة في الشخصية وإضطراب الوسواس القهري هناك مساحة كبيرة تقع فيها الشخصية الوسواسه وإضطراب الشخصية الوسواسه القهرية.


الشخصية الوسواسه
في تصنيف أنواع الشخصية بين البشر، يعتمد هذا التصنيف على أبرز الصفات الواضحة في الشخصية الطبيعية المتوازنة، وفيها الشخصية الوسواسه والتي فيها سمات وسواسه إيجابية مثل الدقة والمثابرة وتحمل المسؤولية، كما أن هؤلاء الأفراد يضعوا لأنفسهم مستويات عاليه ويهتموا بالأصول والقواعد الإجتماعية ويحترموا القانون، وقد يترافق مع هذه السمات بعض السلبيات كالعناد والجدية الزائدة والإهتمام الزائد بالتفاصيل وغياب روح النكتة، وبإجمال هذه الشخصية نجد أنها شخصية ناجحة تحقق الكثير وتكون مقبولة إجتماعياً ولا يعاني أصحابها أو من حولهم.
وقد تجد مثل هؤلاء الأشخاص من حولك يمارسون مختلف المهن ويقومون بواجباتهم ويحققون نجاحاً واضحاً وهم سعداء، فقد تلاحظ أن الطبيب الذي تزوره غاية في الدقة والنظافة والترتيب، وهذا لا يضيره ويزيدك ثقة فيه، وقد تلاحظ أن المسؤول عن الملفات في مؤسسه ما رجل غاية في الدقة يضرب المثل في قدرته على الحفاظ على الملفات في نظام ودقه متناهية، ولا يحبذ أن يساعده أحد حتى لا تختلط الأمور، وكذلك ربة البيت التي تجد بيتها دائماً نظيف ومرتب، وكل شيء في مكانه وحسب الأصول ويضرب المثل فيها كربة بيت دون مبالغه، وإذا بقي هؤلاء الأشخاص حذرين من المبالغة في الدقة والجدية الزائدة والعناد ونسيان روح النكتة على حساب التفاصيل حتى لا يرهقهم الوضع وتميل شخصيتهم نحو الإضطراب.
إضطراب الشخصية الوسواسه القهرية
ونعني بالإضطراب في الشخصية أن الشخصية خرجت عن حدود السواء والصحة النفسية ودخلت في تطرف في بعض السمات المرهقة، إذ أن الإهتمام بالتفاصيل والقواعد والنظام والبرامج يصبح هاجساً مزعجاً، ويسعى هؤلاء الأفراد للكمال في كل ما يعملوا مما يجعل من العمل العادي عبئاً ثقيلاً، وكل أمر بسيط يرهق صاحبه في التفاصيل الغير ضرورية فيجعله صعباً ومتعباً ، ويبعد هؤلاء الأفراد عن الخيال والمغامرة وغالباً ما تفوتهم الفرص لترددهم وعدم أخذ الفرصة بالوقت المناسب، وهم ذو أخلاق عالية وضمير صاحي يتجاوز المعقول، فقد يكرروا الإعتذار ويستأذنوا لأتفه الأسباب، وتغيب عنهم روح النكتة والدعابة، ويغرقوا في عدم راحتهم في الأحوال التي يكون غيرهم مستمتع بوقته، فإذا كانوا برحلة للترويح عن النفس تضيع المتعة وسط إهتمامهم بالمواعيد والدقة والترتيب والإحتياطات والحذر، ويهتم هؤلاء الأفراد في الإنتاجية بالعمل والحياة إلى درجة إلغاء العلاقات مع الناس، ويفتقد هؤلاء الأفراد القدرة على التكيف مع الأوضاع الجديدة والتغيرات في الحياة والعمل والسكن، ولا يبدو أي مرونة في التعاطي مع أمور الحياة مهما كانت بسيطة، ويفضلوا الأشياء التي تعودوا عليها ولا يحيدوا عن الروتين الممِّل، ويكونوا متسلطين ويتوقعوا أن يخضع الناس لأنظمتهم وقوانينهم وتفاصيلهم خصوصاً الأبناء والزوجة أو الزوج والأصدقاء والعاملين تحت إشرافهم، لا يحبِّوا تبادل الهدايا، ولا يتخلصوا من حاجاتهم التي استهلكت ويجمعوا الكثير من الأشياء التي لا تفيد ويكدسوها. وهم دائماً مهتمين بالمجتمع ونظرته وقيمه، ولا يقبلوا الخروج عن الطقوس المتبعة تحت أي ظرف من الظروف، ويغلب عليهم الشك والحذر والتردد في إتخاذ القرارات الكبيرة والصغيرة، ويكرروا التفكير في حسنات وعيوب السلعة أو القرار أو الموقف ويؤخروا البت فيه، وكثيراً ما يطلبوا النصيحة بشكل متكرر خوفاً من الوقوع بالخطأ، وكثيراً ما لا يقتنعوا بالنصائح حتى التي يطلبوها، وبعد إتخاذ قرار معين يستمر التفكير فيه، فيما إذا كان هذا القرار الصحيح أو أنه قد ارتكب خطأ، وأصحاب هذه الشخصية المضطربة حساسين للنقد ويهتموا كثيراً برأي الآخرين فيهم، ولديهم إعتقاد أن الناس سوف يظلموهم في الأحكام، وكما أنهم لا يظهروا عواطف مهمة ولديهم الكثير من مشاعر الغضب والإمتعاض من أمور لا تستحق، وضد أشخاص أثروا على أسلوبهم أو انتقدوهم في السابق.
هذه الشخصية بكل سماتها قد تجدها في نفسك أو في المحيطين بك، وقد تسبب هذه الشخصية المضطربة القلق النفسي أو الإكتئاب، وقد تتغير سمات الشخصية لتصبح أعراض إضطراب الوسواس القهري، فالدقة والتكرار قد يتجاوز الحد المقبول والممكن تحمله، وينصح أصحاب هذه المشكلة بالعمل على تخفيف هذه السمات وتغييرها، مع أن هذا صعب ولكنه ممكن وقد يستطيع الفرد تغيير سمات وتخفيفها من تلقاء نفسه وفي الأحوال الأشد قد يتطلب مساعدة من قبل الطبيب النفسي أو إختصاصي العلاج النفسي، وكثيراً ما يصل هؤلاء الأفراد للعيادات طالبين العلاج عند حدوث القلق والإكتئاب النفسي، وهذه فرصة يتم فيها التوضيح لهم أهمية تعديل شخصيتهم بعد التخلص من القلق والإكتئاب، وإذا وافقوا على ذلك فإن الأمر سوف يشمل على علاج سلوكي ومعرفي ودوائي أيضاً يشبه إلى حد كبير علاج إضطراب الوسواس القهري..

2. تاريخ الوسواس القهري
إن وجود الوسواس القهري كان ملازماً للبشرية منذ قدم التاريخ، وكلمة وسواس في اللغة العربية فيقول عنها الزبيدي في تاج العروس: هي صوت الحلي مجازاً وصوت الص