مقدمة
لقد أصبحت شبكة الإنترنت ( الشبكة الدولية للمعلومات العنكبوتية) ثورة علمية هائلة في حد
ذاتها نتيجة لتوافر المعلومات والمعارف في كافة المجلات العلمية والحياتية التي يحصل عليها كل
المستخدمين لها بسهولة ويسر، فض ً لا عن الترفيه بكافة أشكاله حيث يجد كل فرد مهما كان اهتمامه
بغيته، لذلك لم تعد تلك الخدمة ترفًا فحسب وإنما أصبحت حاجة ملحة في بعض الأحيان،ومهما قيل
فإن تكنولوجيا الاتصالات بأصنافها المتباينة أصبحت اليوم مؤشرًا علي مدى تقدم الدول أو تخلفها
الأمر الذي يحتم علي المسئولين في مختلف الأجهزة التعليمية والتدريبية توفير المزيد من البرامج التي
تتعامل مع تلك الأجهزة،مع الأخذ في الاعتبار ضرورة توضيح الايجابيات والسلبيات عند التعامل معها
ومحاولة التقليل من هذه السلبيات.
ويشير أحمد صالح ( ٣٧:٢٠٠٢ ) إلي أن شبكة الانترنت ما هي إلا تكنولوجيا ثورية،لأنها أدت
إلي تخطي حاجزى الزمان والمكان،وسهولة انسياب المعلومات واتخاذ القرارات،والقدرة علي التنوع
دون تكلفة،حيث يتم التعليم والإعلام حسب الطلب،وتخطي قيود الهرميات البيروقراطية والإدارية،
وكذلك تخطي قيود القواعد الاجتماعية.
وإذ كان لشبكة الإنترنت إيجابياتها المتعاظمة،إلا أنها لا تخلو من مخاطرها وأضرارها
الواضحة لذا بدأ يظهر ردود أفعال متباينة إزاءها،لأن الانترنت كأي مستحدث تكنولوجي أخر له دور
مهم علي كافة المستويات العلمية والثقافية والاقتصادية والتقنية ويحتاج إليه الكثير من الأفراد، وبالتالي
فإننا نشهد كل يوم جديد ازدياد عدد المستخدمين الجدد لتلك الوسيلة التكنولوجية الفكرية الجديدة.
وبشير كل من منصور عبد المنعم وصلاح عبد الرازق ( ٦: ٢٠٠٤ ) إلي أنه في بداية
التسعينيات بدأ استخدام شبكات الانترنت، وأصبحت مصدرًا من مصادر الحصول على المعلومات في
وقت قياسي ، وازداد عدد مستخدمي هذه الخدمة إلي أكثر من ٣٠٠ مليون مستخدم لهذه الشبكة علي
وجه العموم ، وفي عام ٢٠٠٠ وصل عدد المستخدمين إلي حوالي ٤٦٠ مليون مستخدم ، وفي عام
٢٠٠٦ يتوقع أن يبلغ عدد المستخدمين أكثر من مليار مستخدم.
ويضيف نبيل السمالوطي ( ٦:٢٠٠٤ ) إلي أن عدد سكان العالم العربي حوالي ٣٠٠ مليون
نسمة، بما يمثل نسبة ٥% من سكان العالم،غير أن نسبة مستخدمي الانترنت في الدول العربية اقل من
المعدل العالمي بما يقرب من ١١.٥ % مرة .
ورغم قلة عدد مستخدمي الانترنت في البيئة العربية مقارنة بالغربية، إلا أن أعداد المستخدمين
في تزايد مستمر وسريع، ولا سيما في قطاع الشباب الجامعي فض ً لا عن المراهقين ، ومن ثم
نستطيع إغفال الفوائد التي جنتها البشرية من خلال شبكة الانترنت إلا انه في الوقت نفسه لا يمكن
أيضا إغفال المخاطر والآثار الضارة التي أوجدتها تلك الشبكة علي كافة الجوانب الجسمية أو الصحية
والتعليمية والنفسية والاجتماعية وربما الفكرية أو العقلية لدي مستخدمي تلك الشبكة من كافة الأعمار
والمستويات سواء كانوا أطفا ً لا أو شبابًا أو راشدين.
ويؤكد ذلك نورمان سارتوريس " رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي" إن الثورة التكنولوجية
الحديثة أفرزت أمراضا نفسية لم تكن معروفة من قبل، كإدمان الكمبيوتر والانترنت ، وهوس التليفون
المحمول والفيديو؛ وهذه الأمراض لا تقل خطورة عن إدمان المخدرات في أثارها السلبية علي السلوك
العام ، وان التقدم التكنولوجي وثورة الاتصالات التي يشهدها العالم حاليًا ستكون وبا ً لا علي الإنسانية
إذا أسيئ استخدامها لدورها في انتشار الجريمة والعنف والفوضى واضطراب السلوك الأخلاقي
الإنساني؛ كما يضيف سارتوريس أن الأمراض النفسية والعصبية سوف تتزايد بشكل عام في السنوات
القادمة خاصة الإكتئاب والقلق الإضطرابات العصبية، وأرجع ذلك إلي ظهور الكمبيوتر والانترنت
والمحمول والفيديو ودورها في عزلة الإنسان وانطوائه، وإنهاء علاقته وترابطه الأسري، حيث جعلته
ينظر إلي ذاته دون الاهتمام بالآخرين، مما أحدث جمودًا عاطفيًًًًا لديه، نتج عنه ظهور الإكتئاب والقلق
.( وعدم الرضا والخوف (عبد الفتاح مراد، ١٢:١٩٩٩
وجود علاقة موجبة بين إدمان (Shaw&Gant, وأكدت نتائج دراسة شاو جانت ( 2002
الإنترنت وكل من الشعور بالوحدة والضغط النفسي لدي مدمني الإنترنت من طلاب الجامعة، وكذلك
وجدت علاقة دالة إحصائيًا بين إدمان الإنترنت والمساندة الاجتماعية وتقدير الذات لدي طلاب
الجامعة؛ في حين أشارت النتائج إلي أن استخدام الإنترنت يساعد علي خفض الإكتئاب من خلال
.E-Mail استخدام البريد الالكتروني
ويُعزي اهتمامنا بدراسة إدمان طلاب الجامعة للإنترنت إلي أنهم أكثر الفئات استخداما للانترنت ،
فمن الإحصاءات المتوافرة أن ( ٧٢ %) من طلبة الجامعة يستخدمون الإنترنت ، ويشترك حوالي
٨٧ %) منهم في خدمة الإنترنت ، ولذا فإن طلبة الجامعة أكثر عرضة للمشكلات المرتبطة باستخدام )
الانترنت وخاصة الاستخدام المفرط له والزائد عن الحد، وهناك عوامل عديدة تكمن وراء زيادة
احتمال تعرض طلاب الجامعة لمشكلات نفسية وسلوكية عديدة ، كالإكتئاب والانطواء وفقدان المساندة
(Kraut,et al, الاجتماعية وانخفاض التحصيل الدراسي أو الأكاديمي لدي هولاء الطلاب .( 1998
كما يحذر كثير من التربويين و الأخصائيين النفسيين من خطورة إدمان الأفراد للإنترنت أو
أي مستحدث تكنولوجي آخر بعامة، لما له من انعكاسات سلبية علي حياتهم وسلوكياتهم، حيث تؤدي الي تدمير قيم المجتمع ومعاييره ، وانتشار السلوك المضاد للمجتمع كالجريمة والعنف والفوضى ،
بالإضافة إلي تعرض الأبناء وخاصة المراهقين في المرحلة الثانوية أو الجامعية لكافة أشكال
الإضطرابات النفسية كالإكتئاب والقلق والشعور بالوحدة النفسية والعزلة الاجتماعية، والضغوط النفسية
المتزايدة، وفقدان الثقة بالنفس ،والخوف هذا إلي جانب تأثير الاستخدام السيئ للإنترنت علي هؤلاء
المراهقين كضعف فعالية الذات لديهم ، وإحساسهم بانخفاض تقديرهم لذواتهم، وشعورهم بفقدان
المساندة الاجتماعية من المحيطين بهم ،وانخفاض مستوي التحصيل الأكاديمي لديهم .
ومع انتشار هذا الاضطراب في الآونة الأخيرة وخاصة في أوساط طلاب المراحل التعليمية
المختلفة، سواء الثانوية أو الجامعية حيث الاستخدام المفرط الذي يصل إلي لدرجة الإدمان للإنترنت
الذي أصبح له تأثير سلبي على كافة جوانب شخصيتهم وسلوكياتهم في مجالات الحياة المختلفة ، فض ً لا
عن إعاقة تقدمهم التعليمي، وعدم قدرتهم علي تحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي والمدرسي .



التحميل

http://adf.ly/JY3aS